الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام ويُهدّأ من روعها ، ثمّ احتضن رسول الله صلىاللهعليهوآله حين رآه يصارع سكرات الموت حتىٰ فاضت نفسه المقدّسة ولفظ نفسه الأخير وهو علىٰ صدر علي يناجيه ويلقّنه !
روىٰ ابن سعد في طبقاته أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال في مرضه : « ادعوا لي عليّا .. ادعوا لي أخي » ، فدُعيَ له ، فأقبل مسرعاً ، فقال صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : « ادنُ منّي » ، قال عليهالسلام : « فدنوت منه فأوصاني بجميع وصاياه ، ثم استند إليّ فلم يزل مستنداً إليّ ، وأنه ليكلّمني حتى أنّ بعض ريقه ليصيبني ، ثمّ نزل برسول الله صلىاللهعليهوآله القضاء ، وفاضت نفسه الطاهرة (١) في حجري (٢) ، وقد ثقل في حجري فصحت : يا عمّ يا عباس أدركني فإني هالك » فجاء العباس فكان جهدهما جميعاً أن أضجعاه صلىاللهعليهوآله ، وهنا علا الصراخ في البيت المحمّدي ، وعلم الناس أن النّبي صلىاللهعليهوآله قد التحق بالرفيق الأعلىٰ ، فأسرعوا يبكون بحرقة ، وقد أذهلهم المصاب لفقد رسول الله صلىاللهعليهوآله. (٣)
لقد اهتزّت أركان الكون ، واظلمّت السماء ، وافتجع الكبير والصغير ، وقلّ العزاء ، وعظم رزؤه علىٰ المخلصين والأقرباء ، فيما كانت فاطمة الزهراء ، أشدّ الناس حزناً وأكثرهم أسىً ولوعة وحرقة وأعظمهم بكاءاً وانتحاباً. لقد
_____________
(١) قال أمير المؤمنين عليهالسلام في نهج بلاغته : « ولقد قُبضَ رسول الله صلىاللهعليهوآله وان رأسه لَعَلىٰ صَدري ، ولقد سالتْ نفسُهُ في كفِّي فأمررتُها علىٰ وجهي .. » شرح نهج البلاغة / محمد عبده ٢ : ٣٤٩.
(٢) مسند أحمد ٢ : ٣٠٠ ، ذخائر العقبىٰ / المحبّ الطبري : ٧٣ ، كفاية الطالب / الكنجي الشافعي : ١٣٣.
(٣) الطبقات الكبرىٰ / ابن سعد ٢ : ٥١.