اتيت معاذ بن كثير في شهر رمضان وكان معي اسحاق بن محول فقال معاذ : لا والله ما نقص من شهر رمضان قط. وهذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه ، أحدها : ان متن هذا الحديث لا يوجد في شئ من الاصول المصنفة وانما هو موجود في الشواذ من الاخبار ، ومنها : أن كتاب حذيفة بن منصور رحمهالله عري منه والكتاب معروف مشهور ، ولو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمنه كتابه ، ومنها : ان هذا الخبر مختلف الالفاظ مضطرب المعاني ألا ترى ان حذيفة تارة يرويه عن معاذ بن كثير عن ابي عبد الله عليهالسلام ، وتارة يرويه عن ابي عبد الله عليهالسلام بلا واسطة ، وتارة يفتي به من قبل نفسه فلا يسنده الى أحد ، وهذا الضرب من الاختلاف مما يضعف الاعتراض به والتعلق بمثله ، ومنها : انه لو سلم من جميع ما ذكرناه لكان خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا ، واخبار الآحاد لا يجوز الاعتراض بها على ظاهر القرآن والاخبار المتواترة ، ولو كان هذا الخبر مما يوجب العلم لم يكن في مضمونه ما يوجب العمل على العدد دون الاهلة ، وأنا ابين عن وجهه ان شاء الله تعالى ، اما الحديث الذي رواه الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير انه قال لابي عبد الله عليهالسلام : ان الناس يقولون ان رسول الله صلىاللهعليهوآله صام تسعة وعشرين يوما اكثر مما صام ثلاثين يوما قال : كذبوا ما صام رسول الله صلىاللهعليهوآله منذ بعثه الله تعالى الى ان قبضه أقل من ثلاثين يوما ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات والارض من ثلاثين يوما ، فانه يفيد تكذيب الراوي من العامة عن النبي صلىاللهعليهوآله انه صام شهر رمضان تسعة وعشرين اكثر مما صامه ثلاثين ، ولا يفيد انه لا يصح صيامه تسعة وعشرين ولا يتفق أن يكون زمانه كذلك ، ويكون معنى قوله ما صام منذ بعث الى أن قبض أقل