ولتكملوا العدة) (١) فأخبر تعالى انه فرض على المسافر والمريض عند افطارهما في الشهر القضاء له في ايام أخر ليكملوا بذلك عدة ما فاتهم من صيام الشهر الذي مضى ، وليس في ذلك تحديد لما يقع عليه القضاء وانما هو أمر بما يجب من قضاء الفائت كائنا ما كان ، وهذه الجملة التي ذكرنا تدل على ان التعليل المذكور لتمام شهر رمضان ثلاثين يوما موضوع لا يصح عن الائمة عليهمالسلام ، ولو سلم هذا الحديث من جميع ما ذكرناه لم يكن ما تضمنه لفظ متنه مختلا لو فاق العمل على الاهلة ولم يوجب الحكم بصحة خلافه وذلك ان تكذيب العامة فيما ادعوه من صيام رسول الله صلىاللهعليهوآله شهر رمضان تسعة وعشرين يوما اكثر من صيامه اياه ثلاثين يوما لا يمنع من أن يكون قد صامه تسعة وعشرين يوما ، غير أن صيامه كذلك كان أقل من صيامه اياه ثلاثين يوما ، ولو اقتضى صيامه اياه في مدة فرضه عليه في حياته ثلاثين يوما لم يمنع من تغير الحال في ذلك وكونه في بعض الازمان بعده تسعة وعشرين يوما على ما اسلفناه من القول في ذلك ، والقول بأن رسول الله صلىاللهعليهوآله ما صام إلا تاما لا يفيد كون شهر الصيام ثلاثين يوما على كل حال ، لان الصوم غير الشهر وهو فعل الصائم والشهر حركات الفلك وهي فعل الله تعالى ، والوصف بالتمام انما هو للصوم الذي هو فعل العبد دون الوصف للزمان الذي هو فعل الله تعالى ، وقد بينا ذلك فيما مضى ، والاحتجاج لذلك بقوله تعالى : (ولتكملوا العدة) غير موجب ما ظنه أصحاب العدد من أن شهر الصيام لا يكون تسعة وعشرين يوما لان اكمال عدة الشهر الناقص بالعمل في جميعه كإكمال عدة الشهر التام بالعمل في سائره لا يختلف في ذلك احد من العقلاء ، والقول بأن شوالا تسعة وعشرون يوما غير مفيد لما قالوه ، بل يحتمل الخبر لكونه كذلك احيانا دون كونه كذلك بالوجوب على كل حال ، والقول بأن ذا القعدة ثلاثون
__________________
* (١) سورة البقرة الآية : ١٨١.