فمثلا إذا ورد : ( إذا أفطرت فأعتق رقبة ) ، وورد : ( إذا ظاهرت فأعتق رقبة ) والمفروض أنّ الإفطار والظهار كلّ منهما سبب مستقلّ للعتق ، فإذا أفطر في شهر رمضان وظاهر زوجته أيضا في نفس الزمان فهل يتداخل السببان أم يبقيان على التعدّد؟ ثمّ لو فرض تعدّدهما فهل يتداخل المسبّبان أم يبقيان على التعدّد أيضا؟
وينبغي أن يعلم أنّ التداخل في الأسباب معناه أنّ السببين في عالم الجعل والحكم يصبحان معا سببا واحدا من حيث اقتضائهما لحكم واحد لا لحكمين ، هذا في صورة اجتماعهما ، وأمّا في صورة افتراقهما فيكون كلّ واحد منهما سببا مستقلاّ للحكم.
وأمّا التداخل في المسبّبات فمعناه أنّه في عالم الامتثال يكون المطلوب فعلا واحدا لا فعلين.
ويلاحظ أيضا أنّ السؤال الثاني متفرّع عن السؤال الأوّل ؛ وذلك لأنّه إذا ثبت أوّلا التداخل في الأسباب فهذا معناه أنّه يوجد حكم واحد فقط ، والحكم الواحد له امتثال واحد لا محالة ، ولذلك ينتفي البحث عن السؤال الثاني وأنّ المسبّبات متعدّدة أم واحدة ، وأمّا إذا لم يثبت التداخل في الأسباب وكان كلّ شرط سببا مستقلاّ للحكم فهذا معناه أنّه يوجد حكمان ، وحينئذ يتنقّح البحث عن التساؤل الثاني وهو أنّ هذين الحكمين اللذين لهما امتثالان هل يتداخلان فيكفي امتثال واحد لهما أم يبقيان على تعدّدهما فيحتاج إلى تكرار الامتثال؟
إذا اتّضح ذلك نقول : إنّه يوجد قولان في المسألة : أحدهما ما ذهب إليه المشهور من أصالة عدم التداخل لا في الأسباب ولا في المسبّبات ، والآخر ما ذهب إليه المحقّق الخوانساري من التداخل في الأسباب المؤدّي بحسب النتيجة إلى التداخل في المسبّبات أيضا.
واقتصر هنا على قول المشهور وهو :
والمشهور : أنّ مقتضى ظهور الشرطيّة في علّيّة الشرط للجزاء أن يكون لكلّ شرط حكم مسبّب عنه ، فهناك إذن وجوبان للعتق ، وهذا ما يسمّى بأصالة عدم التداخل في الأسباب ، بمعنى أنّ كلّ سبب يبقى سببا تامّا ولا يندمج السببان ويصيران سببا واحدا.
وحيث إنّ كل واحد من هذين الوجوبين يمثّل بعثا وتحريكا مغايرا للآخر فلا بدّ