من انبعاثين وتحرّكين ، وهذا ما يسمّى بأصالة عدم التداخل في المسبّبات ، بمعنى أنّ الوجوبين المسبّبين لا يكتفى بامتثال واحد لهما.
ذهب المشهور إلى القول بعدم التداخل في الأسباب وعدم التداخل في المسبّبات ، فهنا مطلبان :
الأوّل : في كون الأصل والقاعدة هي عدم التداخل في الأسباب.
والوجه في ذلك : هو أنّه لمّا ثبت بالدليل كون كلّ من الشرطين علّة مستقلّة وتامّة للحكم ، فهذا معناه أنّنا لا بدّ أن نرفع اليد عن إطلاق المفهوم في الجملتين كما تقدّم في التطبيق السابق فيكون المفهوم مقيّدا لا إطلاق فيه ، ويبقى إطلاق المنطوق على حاله.
وإطلاق المنطوق في جملة : ( إذا أفطرت فأعتق ) يدلّ على أمرين : أحدهما أنّ الشرط في الجملة الشرطيّة علّة تامّة مستقلّة للجزاء ، والآخر كون الشرط سببا لثبوت الحكم.
ومقتضى هذين الظهورين هو أنّ حدوث الشرط يسبّب حدوث الجزاء أو الحكم.
وهكذا الحال بالنسبة لإطلاق المنطوق في جملة : ( إذا ظاهرت فأعتق ) ، فيكون الشرط سببا للجزاء أو الحكم ، والنتيجة هي وجود سببين للجزاء أو الحكم أحدهما الإفطار والآخر الظهار.
وبتعبير آخر : إنّ الجملة الشرطيّة ظاهرة في أنّه متى ما حدث الشرط حدث الجزاء ، فإذا تحقّق وحدث الشرطان معا فهذا معناه حدوث السببين المستتبع لحدوث حكم لكلّ منهما.
الثاني : في كون الأصل والقاعدة هي عدم التداخل في المسبّبات.
والوجه فيه : أنّ الأسباب لمّا كانت متعدّدة وكان لكلّ سبب حكم خاصّ به فيثبت وجود تكليفين على المكلّف ، وكلّ واحد من هذين التكليفين متعلّق بعنوان غير ما تعلّق به التكليف الآخر ؛ لأنّ أحدهما متعلّق بعنوان الإفطار والآخر متعلّق بعنوان الظهار.
وحينئذ نقول : إنّ كلّ تكليف فيه بعث وتحريك نحو متعلّقه ، وهذا معناه أنّه يوجد بعثان وتحريكان ، فاللازم أن يكون هناك انبعاثان وتحرّكان أيضا ، وإلا للزم اجتماع