المثلين على عنوان واحد وهو مستحيل ، إذ لا معنى لفرض بعثين وتحريكين على شيء واحد ؛ لأنّه من باب اجتماع المثلين على موضوع واحد ، وبهذا يكون المسبّب متعدّدا أيضا بسبب تعدّد السبب ، ولا يكتفى بامتثال واحد ؛ لأنّه على خلاف القاعدة ، بل يحتاج إلى دليل خاصّ يدلّ عليه ، كما ثبت بالنسبة للأغسال المتعدّدة حيث دلّ الدليل الخاصّ على كفاية غسل واحد بقصد الجميع.
فإن قيل : إنّ هذين الوجوبين إن كان متعلّقهما واحدا وهو طبيعي العتق في المثال لزم إمكان الاكتفاء بعتق واحد ، وإن كان متعلّق كلّ منهما حصّة من العتق غير الحصّة الأخرى لزم تقييد إطلاق مادّة الأمر في ( أعتق ) وهو خلاف الظاهر.
وقد يشكل على ما ذهب إليه المشهور بما حاصله : أنّنا لو سلّمنا بأنّ الأسباب المتعدّدة لا تتداخل ، بل لكلّ سبب وجوب غير الوجوب الآخر ، إلا أنّنا لا نسلّم بعدم التداخل في المسبّبات ، بل التداخل في المسبّبات متعيّن.
والوجه في ذلك أن يقال : إنّ الوجوبين المسبّبين عن الشرطين ما هو متعلّقهما؟ فإن كان متعلّقهما هو طبيعي العتق ، بأن كان الإفطار سببا لطبيعي العتق ، والظهار سببا آخر لطبيعي العتق أيضا ، فهذا معناه اجتماع سببين على طبيعي العتق.
ومن المعلوم أنّ امتثال الطبيعي في الخارج إنّما يكون بتحقيقه ، وتحقّق الطبيعي في الخارج يكفي فيه الفرد الأوّل ولا يحتاج إلى الفرد الثاني ؛ لأنّه تحصيل للحاصل فيلغو ، ولذلك يكتفى بامتثال واحد للعتق وهو معنى التداخل في المسبّبات.
وإن كان متعلّقهما هو الحصّة الخاصّة من العتق ، بأن كان الإفطار سببا لحصّة خاصّة من العتق ، والظهار سببا لحصّة أخرى من العتق ، فهذا وإن كان يؤدّي إلى عدم التداخل في المسبّبات إلا أنّه لا يمكن الالتزام به ، لوجود محذور فيه ، وهو أنّ فرض كون المسبّب في كلّ منهما هو الحصّة معناه أنّ متعلّق الجزاء في كلّ منهما صار مقيّدا ؛ لأنّ متعلّق الجزاء في قولنا : ( أعتق ) هو المادّة أي العتق فيكون المطلوب حصّة من العتق في هذا وحصّة منه غير الحصّة الأولى في ذاك.
وهذا المعنى نحو من التقييد يحتاج إلى دليل عليه ، وهنا إطلاق المادّة في الجزاء أي إطلاق العتق يرفض هذا النحو من التقييد ؛ لأنّ الإطلاق في المادّة يثبت طبيعي العتق لا حصّة منه ، فيكون الالتزام بتعدّد المسبّبات موجبا لمخالفة الظاهر بحيث يكون المراد