موضوع البراءة والاحتياط ؛ لأنّه يكون ناظرا إليهما ورافعا لموضوعهما تعبّدا ، وهو معنى الحكومة.
وهذا البيان يواجه نفس الملاحظة التي علّقناها على دعوى حكومة دليل حجّيّة الأمارة على أدلّة الأصول ، فلاحظ (١).
والصحيح في الجواب عن دعوى الحكومة ما تقدّم سابقا في التطبيق الخامس من تقديم الأمارة على الأصل ، حيث ذكرنا هناك أنّ دعوى الحكومة يتوقّف على إحراز النظر وهو لا يمكن إحرازه ؛ لأنّه مرتبط بقيام الأمارة مقام القطع الموضوعي الذي لا يمكن إثباته من خلال دليل الأمارة الذي هو السيرة العقلائيّة أو المتشرّعيّة لعدم انعقادها على العمل بالقطع الموضوعي.
وهنا نقول الكلام نفسه فإنّ حكومة الاستصحاب متوقّفة على كون الإحراز التعبّدي فيه ليس خصوص الكاشفيّة والطريقيّة ، بل لا بدّ من إثبات كون الإحراز التعبّدي فيه ناظرا إلى القطع الموضوعي ، وهذا لا يمكن إثباته ؛ لأنّ دليل الاستصحاب هو الروايات وهي ـ كما قلنا ـ تشير إلى النكتة العقلائيّة والارتكاز العقلائي في البناء على الحالة السابقة ، والارتكاز العقلائي ليس منعقدا على العمل بالقطع الموضوعي ليكون الاستصحاب ينزّل اليقين بالحالة السابقة منزلته.
والأحسن تخريج ذلك على أساس آخر من قبيل : أنّ العموم في دليل الاستصحاب عموم بالأداة لاشتماله على كلمة ( أبدا ) ، فيكون أقوى وأظهر في الشمول لمادّة الاجتماع.
والأحسن في تخريج تقديم الاستصحاب على مثل البراءة وأصالة الطهارة هو أن يقال : أمّا وجه تقديم الاستصحاب على أصالة الطهارة فلأنّها مختصّة بغير النجاسة المعلومة سابقا ؛ لأنّ دليلها قاصر عن الشمول لما إذا كانت الحالة السابقة هي النجاسة ؛ لأنّ الروايات الدالّة على القاعدة إمّا ظاهرة في الطهارة المشكوكة ابتداء من دون أن تكون مسبوقة بالحالة السابقة وإمّا مجملة ، فيقتصر على القدر المتيقّن وهو غير الحالة المسبوقة بالنجاسة سابقا ، فيكون لكلّ منهما مورده الخاصّ به.
وأمّا وجه تقديم الاستصحاب على البراءة فلأنّ النسبة بينهما وإن كانت العموم
__________________
(١) في النقطة الخامسة من تطبيقات الجمع العرفي.