الأوّل : أنّ الروايات المذكورة في هذه المجموعة إنّما تنفي الصدور للخبر المخالف أو غير الموافق للكتاب ، وليست ناظرة إلى نفي الحجّيّة. والفرق بينهما : أنّ نفي الصدور معناه أنّ الخبر المخالف ليس صادرا عن المعصوم ، ومع عدم صدوره عنهم عليهمالسلام لا يشمله دليل الحجّيّة من باب خروجه عن موضوع الحجّيّة تخصّصا ، أي أنّه ليس داخلا في موضوع الحجّيّة من أوّل الأمر ، ولذلك لا يكون دليل الحجّيّة مقيّدا أو مخصّصا بتلك الروايات.
نعم ، يكون هناك تعارض بين هذه الروايات الدالّة على نفي الصدور وبين الروايات الدالّة على صدور الخبر المخالف فيما إذا فرض وجود الخبر المخالف ، فيقع التعارض بين الدليل الدالّ على هذا الخبر المخالف وبين الروايات الدالّة على نفي صدوره ، فلا بدّ من ملاحظة هذه المعارضة وأنّها قابلة للعلاج أو لا.
وأمّا نفي الحجّيّة عن الخبر المخالف فمعناه أنّ دليل الحجّيّة بإطلاقه شامل لكلّ خبر ، ولكن يقيّد هذا الإطلاق ويخصّص بغير الخبر المخالف للكتاب بمقتضى هذه الروايات ، فتكون هذه الروايات ناظرة إلى دليل الحجّيّة وتنفي ثبوت الحجّيّة عن هذا الخبر المخالف ، بحيث يكون لسانها لسان التخصيص أو التقييد ؛ لأنّها تخرج بعض أفراد الموضوع عن شمول الحكم له.
والذي يفيد هنا هو النحو الثاني لا الأوّل ؛ لأنّ تقييد أو تخصيص دليل الحجّيّة إنّما يكون على أساس استفادة التخصيص أو التقييد ، والمفروض أنّ الروايات تنظر إلى نفي الصدور لا إلى نفي الحجّيّة فهي تثبت التخصّص لا التخصيص.
الثاني : أنّ الموضوع في هذه الروايات هو عنوان الخبر غير الموافق للكتاب لا عنوان الخبر المخالف ، وحينئذ يقال : إنّ هذه الروايات بصدد بيان أنّ العمل بالأخبار لا بدّ أن تكون هناك موافقة لمضمونها ومفادها من الكتاب الكريم ، فيجوز العمل بالخبر الذي يوافق مضمونه لمضمون الكتاب.
وأمّا الذي لا يوافق مضمونه لمضمون الكتاب فلا يجوز العمل به سواء كان مخالفا للكتاب أم لم يكن مخالفا ، فعنوان عدم الموافق أعمّ من الخبر المخالف والخبر غير المخالف الذي لا يكون مضمونه موافقا لمضمون الكتاب.
وهذا المفاد سوف يشمل كثيرا من الأخبار التي لا يكون مضمونها موافقا لمضمون