بالآخر فيلزم من ذلك أنّه إذا تركهما معا أن يكونا فعليّين لتحقّق الشرط في كلّ منهما ، فيلزم اجتماع المتعارضين المتنافيين وهو مستحيل.
وهذا يعني اختلال الشرط الأوّل للزوم اجتماع النقيضين أو الضدّين في هذه الحالة. وبهذا يظهر أنّ جعل الحجّيّة التخييريّة المشروطة مستحيل أيضا.
والنتيجة على ضوء ذلك استحالة جعل الحجّيّة التخييريّة ثبوتا لوجود محذور ثبوتي فيها.
والجواب : أنّ بالإمكان تصوير التخيير بالالتزام بحجّيّة كلّ منهما بشرط ترك الالتزام بالآخر ، مع افتراض وجوب طريقي للالتزام بأحدهما.
والجواب عن ذلك : أنّه يمكننا تصوير معقوليّة الحجّيّة التخييريّة بمعنى جعل حجّيّتين مشروطتين ، والشرط فيهما هو ترك الالتزام بالآخر ، ولكن مع افتراض كون وجوب الالتزام بأحدهما وجوبا طريقيّا أي حكما ظاهريّا من أجل إبراز الاهتمام المولوي لتنجيز أحد الخبرين.
وتوضيحه : أنّ المولى إذا أراد التوصّل إلى جعل الحجّيّة التخييريّة فيمكنه أن يجعل حكمين :
الأوّل : يبيّن فيه أنّ الالتزام بأحد الخبرين واجب ظاهرا ، وهذا يفترض وجود وجوب طريقي ظاهري يحمل روح الحكم الظاهري من إبراز الأهمّ من الملاكات الواقعيّة للمولى ، وهذا الوجوب الطريقي يبيّن أنّ الاهتمام المولوي متعلّق بثبوت أحد الخبرين بنحو لا يرضى المولى بتفويته ، وحينئذ يثبت على المكلّف وجوب الالتزام بأحد الخبرين.
الثاني : يبيّن فيه الشرط المطلوب تحقّقه في كلّ من الخبرين ليكون هو الحجّة دون الآخر ، وإلا فإنّ عدم بيان الشرط يؤدّي إلى التعارض في تطبيق ذلك الوجوب الطريقي على الخبرين ؛ لأنّ كلاّ منهما قابل لأن يكون هو الخبر الذي يهتمّ به المولى ولا يرضى بتفويته ، والشرط هنا هو ترك الالتزام بالآخر فإنّه إذا ترك أحدهما كان الآخر حجّة.
وأمّا إذا تركهما معا فلن يكونا معا فعليّين ؛ لأنّ الجعل الأوّل يبيّن أنّ أحدهما فقط هو الواجب الفعلي ، ولذلك يقع التعارض والتساقط بينهما في حالة تركهما بلحاظ