الفعليّة والحجّيّة ، مع أنّه لم يترك إلا فعليّة واحدة ولكنّها غير متعيّنة في أحدهما بالخصوص لتركه لهما معا.
فالصحيح إذا إمكان جعل الحجّيّة التخييريّة من دون محذور ثبوتي ؛ لأنّهما لن يكونا فعليّين معا ولن يقع التعارض بينهما ؛ لأنّ ترك أحدهما لا يتعارض مع الآخر الذي التزم به ؛ لأنّه ليس حجّة حال تركه.
وأمّا البحث الإثباتي فهناك روايات عديدة استدلّ بها على التخيير :
منها : رواية علي بن مهزيار قال : قرأت في كتاب لعبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن عليهالسلام : اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم أن صلّهما في المحمل ، وروى بعضهم لا تصلّهما إلا على الأرض ، فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك؟ فوقّع عليهالسلام : « موسّع عليك بأيّة عملت » (١).
وفقرة الاستدلال منها قوله عليهالسلام : « موسّع عليك بأيّة عملت » ، الواضح في الدلالة على التخيير وإمكان العمل بكلّ من الحديثين المتعارضين.
وأمّا البحث الإثباتي فقد يقال بوجود روايات تدلّ على التخيير في الحجّيّة بين المتعارضين :
منها : رواية علي بن مهزيار حيث جاء فيها قوله عليهالسلام : « موسّع عليك بأيّة عملت » جوابا على سؤال السائل عن الاختلاف في الحكم للمسألة المطروحة ، وأنّ اختلافهم ناشئ من اختلاف الرواية في ذلك.
وتقريب الاستدلال بها : أنّ الفقرة المذكورة تدلّ على التوسعة على المكلّف في حال الاختلاف بين الروايات ، وأنّه يمكنه العمل بأيّة رواية أراد ، ممّا يعني الحجّيّة التخييريّة بشرط الالتزام به ، فتكون الرواية حجّة عليه إذا التزم وعمل بها دون الأخرى.
وهذا معناه أنّ المتعارضين لا يرفع اليد عن حجّيّتهما ولا يحكم بسقوطهما معا ، كما هو مقتضى القاعدة الأوّليّة ، بل يكون كلّ منهما حجّة على نحو التخيير بينه وبين الآخر مشروطا بالالتزام به.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ : ٣٣٠ ، أبواب القبلة ، ب ١٥ ، ح ٨.