ولكن نلاحظ على ذلك :
أوّلا : أنّ الظاهر منها إرادة التوسعة والتخيير الواقعي لا التخيير الظاهري بين الحجّيّتين ؛ لظهور كلّ من سؤال الراوي وجواب الإمام في ذلك.
الملاحظة الأولى : أنّ الرواية بصدد بيان التخيير الواقعي لا الظاهري ، والذي ينفع هو الثاني لا الأوّل.
وتوضيح ذلك : أنّ التخيير الواقعي معناه بيان الحكم الواقعي للقضيّة المسئول عنها ، فيكون الحكم الواقعي الثابت لها هو التخيير ، وهو بمعنى اختيار المكلّف للفعل أو الترك بحيث يكون كلّ منهما جائزا ، وهذا يتناسب مع كون الحكم في الواقع هو الإباحة أو الترخيص بالمعنى الأعمّ ؛ لأنّه في موارد الإباحة والترخيص والجواز بالمعنى الأعمّ يكون المكلّف مخيّرا بين الفعل والترك ، وإن كان الفعل أو الترك في بعض الموارد أرجح من الآخر إلا أنّه لا يتنافى مع التخيير واقعا.
بينما التخيير الظاهري معناه التخيير بين الحجّيّتين ، وذلك فيما إذا كان بصدد بيان ما هو الموقف الكلّي العامّ للفرضيّة ؛ كما إذا كان بصدد بيان حكم المتعارضين من الروايات بشكل عامّ ، فإنّ التخيير بينهما يعني التخيير في الحجّيّة وهي حكم ظاهري.
وعليه فالظاهر من هذه الرواية أنّ الإمام يبيّن الحكم الواقعي للواقعة الشخصيّة ، ويدلّ على ذلك السؤال المفروض من السائل فإنّه سؤال عن واقعة مشخّصة ، وجواب الإمام أيضا ؛ لأنّه يبيّن الحكم الواقعي ، وتوضيح ذلك :
أمّا ظهور السؤال فلأنّه مقتضى التنصيص من قبله على الحكم الذي تعارض فيه الخبران الظاهر في استعلامه عن الحكم الواقعي ، على أنّ قوله : ( فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك ) كالصريح في أنّ السؤال عن الحكم الواقعي للمسألة ، فيكون مقتضى التطابق بينه وبين الجواب كون النظر في كلام الإمام عليهالسلام إلى ذلك أيضا ؛ إذ لا وجه لصرف النظر مع تعيين الواقعة عن حكمها الواقعي إلى الحكم الظاهري العامّ.
ذكرنا أنّ السؤال والجواب ظاهران في بيان الحكم الواقعي ، وتفصيل ذلك :
أمّا بالنسبة للسؤال : فقد افترض السائل في سؤاله ( اختلاف الحكم في ركعتي الفجر بسبب الاختلاف في الرواية ) ، وهذا معناه أنّه بصدد السؤال عن حكم هذه