الرواية الأولى : رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام الموجودة في كتاب الراوندي حيث جاء فيها : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه » (١).
وهذه الرواية تدلّ على ترجيح أحد الخبرين المتعارضين على الآخر بموافقته للكتاب أوّلا ثمّ وفي طول ذلك بمخالفته لأخبار العامّة ، فهناك طولية بين المرجّحين ؛ لأنّه لا يصار إلى الثاني إلا بعد كونهما معا موافقين للكتاب أو مخالفين له أو ليسا موجودين فيه أصلا لا بنحو الموافقة ولا بنحو المخالفة ، فإنّه حينئذ يؤخذ بما خالف أخبار العامّة.
وقد تقدّم سابقا أنّ المخالفة للكتاب تعني التعارض بنحو التباين الكلّي أو العموم من وجه ولا تشمل موارد الجمع العرفي.
وتقدّم أنّ الموافقة للكتاب بمعنى عدم المخالفة لا بمعنى وجود مضمونه في الكتاب.
وأمّا المخالفة للعامّة فلأنّ الخبر الموافق لهم يحتمل فيه قويّا كونه صادرا على نحو التقيّة دون الخبر المخالف لهم ، ولذلك ففي مقام التعارض بينهما يرجّح المخالف لهذا الاحتمال (٢).
وأمّا السند فهو تامّ ؛ لأنّ صاحب ( الوسائل ) قد ذكرها عن الراوندي ممّا يعني وجود طريق له إليه كما صرّح به في الخاتمة : ( ونروي باقي الكتب بالطرق السابقة ) وقوله : ( نروي كتاب ( الخرائج والجرائح ) وكتاب ( قصص الأنبياء ) لسعيد بن هبة الله الراوندي بالإسناد السابق ).
وعليه فالرواية تامّة سندا ودلالة.
ومنها : مقبولة عمر بن حنظلة ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٨ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٢٩.
(٢) ولا يبعد شمول المخالفة للعامّة للأخبار والفتاوى معا لا الأخبار فقط ، للإطلاق في بعض الروايات كما في تعبيره : خذوا بما خالف القوم ، أو ما يشبه أقوالهم ، فالدلالة تامة على المدعى.