مضافا إلى أنّ الخصوصيّات المذكورة للترجيح من صفات الراوي أو الشهرة أو موافقة الكتاب ومخالفة العامّة لا يحتمل العرف دخل حضور الإمام فيها ؛ لأنّ كاشفيّتها وطريقيّتها لا يختلف حالها بين حضور الإمام عليهالسلام وغيبته ، إذ ما الفرق بين كاشفيّة الأوثقيّة والأعدليّة ونحوهما في الراوي بين وجود الإمام وغيبته؟
وهكذا الحال بالنسبة للشهرة فإنّ كون إحدى الروايتين مشهورة دون الأخرى لا مدخليّة لحضور الإمام وغيبته في تحقّقها وعدمه.
وبهذا يظهر أنّ هذا الاعتراض غير وجيه ولا يمكن تسجيله على المقبولة.
وينبغي التنبيه على أنّ الاعتراضين المذكورين هنا راجعان إلى صفات الراوي وإلى الشهرة ، وأمّا موافقة الكتاب ومخالفة العامّة فقد فرغ عن تماميّتهما على أساس الرواية السابقة التامّة دلالة وسندا عليهما.
الثاني : أنّ الترجيح بالصفات وبالشهرة في المقبولة ترجيح لأحد الحكمين على الآخر لا لإحدى الروايتين على الأخرى في مقام التعارض.
الاعتراض الثاني : أنّ الترجيح بالصفات وبالشهرة راجعان إلى الحكم أو الحاكم ، وليسا متعلّقين بالراوي أو بالرواية ، ويدلّ على ذلك أنّ الإمام عليهالسلام قد افترض الترجيح بالصفات في سياق إبراء الحكم من الرجلين اللذين تمّ الرجوع إليهما حيث قال : « الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر » فإنّ هذه العبارة نصّ في كون الترجيح بالصفات متعلّقا بالحكم أو بالحاكم الذي حكم بالحكم.
وهكذا الحال بالنسبة إلى الشهرة فإنّ الترجيح بها ورد في سياق كون الحاكمين متعادلين في الصفات فقال : « ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ... » فإنّ الترجيح بالشهرة ناظر إلى سند الحكم الذي اعتمدا عليه.
وهكذا يظهر أنّ المرجّحين المذكورين راجعان إلى الحكم والحاكم ، ولا ارتباط لهما بالراوي والرواية مجرّدين عن وصف الحكم والحاكم ، وهذا خارج عن محلّ البحث ؛ لأنّه يختصّ بباب القضاء وفصل الخصومة بين الناس ، ولا يشمل موارد التعارض بين الروايتين سواء كانتا في مقام القضاء أم في غيره من الأمور والقضايا.