وهذا الاعتراض وجيه بالنسبة إلى الترجيح بالصفات ، وليس صحيحا بالنسبة إلى غيره ممّا ورد في المقبولة كالترجيح بالشهرة.
والجواب : أنّ الاعتراض المذكور وارد على الترجيح بالصفات ، وليس واردا على الترجيح بالشهرة ، فهنا مطلبان :
أمّا وجاهته بالنسبة إلى الترجيح بالصفات فلأنّنا نلاحظ إضافة الصفات في المقبولة إلى الحاكمين ، حيث قال عليهالسلام : « الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما [ وأصدقهما ] في الحديث وأورعهما ».
المطلب الأوّل : في بيان وجاهة الاعتراض بالنسبة إلى الصفات.
ويدلّ عليه أوّلا : أنّ الإمام عليهالسلام قد أخذ إضافة الصفات إلى الحكم أو الحاكم ؛ وذلك لأنّ الضمائر في قوله عليهالسلام : « الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما » راجعة إلى الحكم أو الحاكم ، فإنّ المراد من ( أعدلهما ) مثلا أي أعدل الحاكمين في حكمهما.
وهذا معناه أنّ الصفات ناظرة إلى الحكم والحاكم سواء كانا راويين أم لا ، فلا يمكن التعدّي منهما إلى التعارض في الرواية لترجيح أعدل الراويين ونحو ذلك ؛ لأنّه خارج عن مورد النصّ فيحتاج إلى دليل خاصّ وهو غير موجود في المقام.
هذا مضافا إلى أنّ الإمام قد طبّق الترجيح بالصفات على أوّل سلسلة السندين المتعارضين ـ وهما الحاكمان ـ من دون أن يفرض أنّهما راويان مباشران للحديث ، بينما لو كان الترجيح بهما ترجيحا لإحدى الروايتين على الأخرى كان ينبغي تطبيقه على مجموع سلسلة الرواة أو على الراوي المباشر.
والدليل الثاني على وجاهة الإيراد بالنسبة للصفات هو أنّ الإمام عليهالسلام قد طبّق الترجيح بالصفات على أوّل سلسلة السندين المتعارضين ، لا على تمام سلسلة السند أو على الحلقة المباشرة للرواية عن الإمام عليهالسلام ، فإنّ تطبيقه على أوّل سلسلة السندين يتناسب مع كون الصفات راجعة إلى الحكم والحاكم لا إلى الرواية والراوي ؛ وذلك لأنّ أوّل سلسلة السند من ناحيتنا هما الحاكمان ؛ لأنّهما المباشران لرواية الحديث عن الإمام بالواسطة أو الوسائط المتعدّدة ، فإنّنا حتّى لو سلّمنا كون الحاكمين راويين أيضا عن الإمام لقوله : « ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا »