فقال عليهالسلام : « انظر ما وافق منهما مذهب العامّة فاتركه وخذ بما خالفهم ».
قلت : ربّما كانا معا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟
فقال عليهالسلام : « إذا فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط ».
فقلت : إنّهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع؟
فقال عليهالسلام : « إذا فتخيّر أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر » (١).
وفي هذه المرفوعة ذكرت مرجّحات وهي على الترتيب : الشهرة ثمّ صفات الراوي ثمّ المخالفة للعامّة ثمّ الموافقة للاحتياط ، ومع التكافؤ في كلّ ذلك حكمت بالتخيير.
الرواية الثالثة : مرفوعة زرارة عن الباقر عليهالسلام الدالّة على الترجيح بالشهرة ثمّ بصفات الراوي ثمّ بالمخالفة للعامّة ثمّ بالموافقة للاحتياط ثمّ بالتخيير عند التساوي في كلّ هذه المرجّحات بين الروايتين.
وهذه المرجّحات تستفاد من تعبيرات الإمام بقوله : « خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر ».
وقوله : « خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك ».
وقوله : « انظر ما وافق منهما مذهب العامّة فاتركه وخذ بما خالفهم ».
وقوله : « إذا فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط ».
وقوله : « إذا فتخير أحدهما ».
ودلالتها على المدّعى واضحة جدّا ؛ لأنّها افترضت التعارض بين الحديثين فالسؤال كان عن موضوع كلّي هو التعارض بين الروايتين ، وبمقتضى التطابق بين السؤال والجواب ، فيكون نظر الإمام عليهالسلام إلى الحجّيّة الأصوليّة وترجيح إحدى الحجّتين على الأخرى بالمرجّحات المذكورة ، ثمّ الحكم بالتخيير في الحجّيّة بين الروايتين.
وقد يعترض على الترجيح بالشهرة هنا بنفس ما تقدّم في المقبولة من كونها بمعنى استفاضة الرواية وتواترها.
__________________
(١) عوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.