والحاكمين ، بينما الترجيح بالشهرة ناظر إلى الراوي والرواية ، ومع اختلاف موضوعيهما فلا تنافي ولا محذور في تقديم الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة لعدم الارتباط بين الموضوعين ، ولذلك لا يكون هناك محذور في التقديم من هذه الناحية (١).
وهكذا يتّضح أنّ المقبولة لا يمكن أن يستفاد منها في مجال الترجيح بين الحجّتين من الروايات أكثر ممّا ثبت بالرواية السابقة.
والنتيجة النهائية على ضوء ما تقدّم : هي أنّ المقبولة لا يستفاد منها أكثر من الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة كما هو مضمون الرواية السابقة.
وأمّا الترجيح بالصفات فهو راجع إلى الحكم والحاكمين.
وأمّا الترجيح بالشهرة فهو يكشف عن الصدور القطعي ، وكلاهما خارجان عن موضوع البحث ؛ لأنّ الكلام في الدليلين الظنّيين سندا المشمولين معا لدليل الحجّيّة العامّ لو لا التعارض بينهما.
ومنها : المرفوعة عن زرارة قال : سألت الباقر عليهالسلام فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ؟
قال عليهالسلام : « يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر ».
فقلت : يا سيّدي إنّهما معا مشهوران مرويان مأثوران عنكم؟
فقال عليهالسلام : « خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك ».
فقلت : إنّهما معا عدلان مرضيّان موثّقان؟
__________________
(١) ولكن يمكن التعليق هنا : بأنّه لو سلّمنا الاختلاف في الموضوع بينهما ولكن لا يصار إلى الترجيح بالصفات الراجعة إلى الحكم أو الحاكمين إلا بعد فرض الحجّيّة للروايتين وشمول دليل الحجيّة لهما ؛ إذ لو كان دليل الحجّيّة شاملا لإحداهما فقط دون الأخرى لم يكن الحكم الذي استند عليه الحاكم صحيحا ؛ لأنّ مدركه غير تامّ.
ومن هنا لمّا كانت الشهرة كاشفة عن تعيّن إحدى الروايتين واقعا دون الأخرى لكشفها عن صدورها القطعي فهذا يعني أنّ دليل الحجّيّة لا يشمل الرواية الأخرى ، ومع عدم شموله لها لا معنى لترجيحها على الرواية القطعيّة فيما إذا فرض كون الحاكم الأعدل والأوثق قد استند في حكمه إليها ، مضافا إلى ما ذكرنا من أنّ الترجيح بالشهرة راجع إلى الحكم أيضا ، فيكون موضوعهما واحدا.