ادّعاء واعتبارا وهو الطواف ، أي أنّه ينزّل الطواف منزلة الصلاة ، فهذا من الحكومة المثبتة للموضوع ادّعاء.
ومثلا قوله عليهالسلام : « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » أو أدلّة نفي الحرج والضرر والعسر الثابتة كتابا وسنّة تعتبر حاكمة على أدلّة الأحكام الواقعيّة ، بمعنى أنّه لم يشرّع الحكم الضرري أو الحرجي في الإسلام ، فهذا النوع من الحكومة بلحاظ الحكم أي أنّه ينفي ثبوت الحكم الضرري والحرجي في الإسلام.
ومن خلال هذه الأمثلة نلاحظ أنّ الحكومة عبارة عن تصرّف الدليل الحاكم بموضوع الدليل المحكوم نفيا أو إثباتا أو بالمحمول فيه كذلك ، ولكن النفي أو الإثبات في الحكومة اعتباري أو ادّعائي وليس حقيقيّا وواقعيّا.
فإنّ الربا لا ينتفي بين الأب وابنه حقيقة ؛ لأنّه واقع بينهما لا محالة ، إذ هو الزيادة والربح على المال إلا أنّه منتف تعبّدا ، أي أنّ الشارع لا يعتبر هذا الربا الواقعي ربا فينزله منزلة العدم.
والحكومة تعتبر من أقسام القرينيّة الشخصيّة التي أعدّها المتكلّم بنفسه لتفسير المراد النهائي من كلامه.
وهي من أهمّ أقسام التعارض غير المستقرّ ؛ لأنّها أقوى وأصرح من التقييد والتخصيص والأظهريّة ؛ وذلك لأنّ المتكلّم بنفسه نصب هذه القرينة وأعدّها بشخصه ، بينما تلك القرائن كان إعدادها نوعيّا ؛ لأنّ العرف والعقلاء هم الذين يجعلونها قرائن مفسّرة لا شخص المتكلّم.
والبحث في الحكومة ينصبّ أوّلا عن النكتة الموجودة في الدليل الحاكم الموجبة لتفسير المراد النهائي من الدليل المحكوم ، فإنّه على أساس هذه النكتة أو الملاك أو الضابط كانت الحكومة من القرائن.
وهنا يوجد اتّجاهان لتفسير هذه النكتة والملاك التي كان التقديم لأجل وجودها :
الاتّجاه الأوّل لمدرسة المحقّق النائيني قدس الله روحه (١) ، وحاصله : أنّ الأخذ بالدليل الحاكم إنّما هو من أجل أنّه لا تعارض في الحقيقة بينه وبين الدليل المحكوم ؛ لأنّه لا ينفي مفاد الدليل المحكوم ، وإنّما يضيف إليه شيئا جديدا ، فإنّ مفاد الدليل
__________________
(١) راجع فوائد الأصول ٤ : ٤١٠ ، وأجود التقريرات ٢ : ٥٠٥ ـ ٥٠٦.