لشرطها ، فأصالة الحلّ والإباحة مثبتة محرزة لشرط التذكية الشرعية الموجبة لجواز الأكل ، لا أنّ أصالة عدم التذكية حاكمة عليها.
ونظير ذلك ما إذا شككنا في حلّية وطئ امرأة قد عقدنا عليها من جهة الشكّ في حلّية وطئها ذاتا بسبب الشكّ في أنّ النسب الفلاني أو الرضاع الفلاني المتحقّقين بين المرء وبينها موجبان للحرمة الدائمية ، أو لا.
فنقول : قد جعل الشارع العقد سببا تامّا لجواز الوطء في المحلّلات الذاتيّة ، وهو محرز بالفرض ، وأمّا الحليّة الذاتيّة فبأصالة الحلّ والإباحة ، وهذا يجري في الشبهات الموضوعية ـ أيضا ـ مثل ما إذا ذبحنا حيوانا في الظلمة ، وشككنا في أنه كلب أو شاة ، أو عقدنا على امرأة ، وشككنا في أنها من المحارم أو أجنبية ، فشككنا في حلّية الأكل وجواز الوطء لذلك ، فعلى ما ذكره ـ قدّس سرّه ـ لا يجوز الأكل والوطء لعدم إحراز شرط التذكية والعقد ، وهو قابلية المحلّ ، فيستصحب عدم التذكية وعدم تأثير العقد ، وعلى ما ذكرنا يجوز كلّ منهما ، لإحراز السبب التامّ في نفسه ، وبأصالة الحلية الذاتيّة يحرز الشرط ، فإنّ قوله عليه السلام : « كل شيء لك حلال حتّى تعرف أنه حرام » (١) يقضي بحلية المشتبه ، فإذا حلّ أثّر السبب أثره.
هذا ، لكن يتّجه عليه : أنّ أصالة الحلّ ليست من قبيل الاستصحاب تحرز بها الشروط ، بل إنّما هي حكم ظاهري لمشتبه الحلّية الذاتيّة ، بمعنى أنها حكم من الشارع على حلّية ما شكّ في أنه حرام ذاتا أو حلال كذلك ، وهذا الحكم ثابت للمشتبه بعنوان الاشتباه ، ولا يصلح لإحراز الإباحة الذاتيّة فإنّ الشارع لم يحكم في مورد الاشتباه بالبناء على الحلّية من حيث ذات الشيء ، بل حكم به بعنوان [ أنه مشتبه ](٢).
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ ـ ٤٠. المحاسن : ٤٩٧ ـ ٦٠١.
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من النسخة المستنسخة لموافقته للسياق ، وفي الأصل هكذا : ( بل حكم به