فإن المنع في كلماتهم في أكثر المسائل يجدي أن مذهبهم على العمل بالبراءة وأن استدلالهم بالاحتياط من باب تأييد دليل آخر.
قوله (قدس سره) : ( والحكم بالثواب هنا أولى ) (١).
وجه الأولوية أن الأمر في جانب الثواب أوسع منه في جانب العقاب لأنه يكتفى في الثواب بأقل ما يوجب استحقاقه بخلاف العقاب ، فإنه لا يكون إلا ببلوغ سببه الشدة والتأكد.
وإن شئت قلت إذا تحقق من المكلف سبب استحقاق الثواب يقبح من المولى عدم إعطائه إياه ، هذا بخلاف ما إذا صدر منه سبب استحقاق العقاب ، فإن العقاب منه حينئذ وإن لم يكن قبيحا إلا أن العفو عنه حسن.
قوله (قدس سره) : ( وفي جريان ذلك ) (٢). يعني جريان الاحتياط.
قوله (قدس سره) : ( لأن العبادة لا بد فيها من نية التقرب ) (٣).
توضيحه : أنه لا يتحقق في العبادات موضوع الاحتياط إذا لم يحرز أمر في مورده إجمالا أو تفصيلا ، لأن معناه الإتيان بشيء يكون ذلك الشيء بحيث يصح قيامه مقام الواقع المشكوك فيه على تقديره واقعا وذلك لا يكون إلا إذا أتى بما ينطبق عليه ويكون من نوعه ، فإذا فرض أن المشكوك إنما هو على تقديره من العبادات فلا بد حينئذ إذا أراد الاحتياط أن يأتي بما ينعقد عبادة منطبقة على ذلك المشكوك على تقديره لكن ذلك لا يمكن فيما نحن فيه ، لأن العبادة تتوقف على العلم بالأمر تفصيلا أو إجمالا والمفروض عدمه أصلا ومعه لا يمكن إيقاع الفعل على وجه ينعقد عبادة حتى يصح قيامه مقام الواقع على تقديره فيكون
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٨١.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٨١.
(٣) فرائد الأصول ١ : ٣٨١.