ثم إن هذا الّذي ذكرنا في معنى التخيير لا يفرق فيه بين العقلي والشرعي ، إذ على الثاني إذا قال الشارع : أنت مخير بين الأخذ بأي الاحتمالين معناه أنه بعد الأخذ يتعين عليك ما أخذت به بمعنى أنه على تقدير عليك ، وليست معذورا في مخالفته على تقديره فيكون قوله ذلك إنشاء لحكم ظاهري بالنسبة إلى الاحتمال الّذي قد أخذ به ، فإن كان هو الحرمة فيكون الفعل حراما عليه في الظاهر وإن كان الوجوب فيكون واجبا كذلك.
قوله (قدس سره) : ( لأنها مخالفة قطعية عملية ) (١).
لا يخفى أن ذلك غير لازم في بعض صور ما إذا كان أحدهما المعين تعبديا ، فإنه إذا كان أحدهما المعين تعبديا ففيه صورتان :
إحداهما : أن يقع العمل على طبق ذلك الّذي هو على تقديره تعبدي لكن بدون نية القربة.
ثانيتهما : أن يقع العمل على طبق ما يكون على تقديره توصليا ولا ريب أن المخالفة القطعية إنما يلزم في أولى هاتين الصورتين لا غير.
وأما في ثانيتهما فهي احتمالية قطعا كما أن الموافقة معها أيضا احتمالية.
ومن هنا يظهر أنه لو كان أحدهما الغير المعين تعبديا لا يلزم المخالفة القطعية العملية أصلا وقد بينه (قدس سره) لذلك وإلا لم يذكره.
قوله (قدس سره) : ( والتخيير ) (٢).
هو في بعض النسخ مخطوط عليه. قال ( دام ظله ) وعلى تقديره لا بد أن يكون معطوفا بالعطف التفسيري على قوله أو لا بعينه ، فإن معنى الأخذ بأحدهما لا بعينه هو التخيير وليس التخيير وجها مقابلا له.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٩٥.
(٢) ليس بموجود في المطبوع لجماعة المدرسين فراجع ١ : ٣٩٥ و ٣٩٦.