نفس الإنشاءين ، ومن المعلوم لكل أحد أنه لا تنافي بينهما بهذه الملاحظة بوجه ، ضرورة إمكان اجتماع ذاتي الأمر والنهي في مورد ولو كانا واقعيين ، فلا وجه لإطناب الكلام في دفع التدافع بينهما من هذه الجهة.
وقد يلاحظان بالنسبة إلى المكلف ـ بالفتح ـ وقد يلاحظان بالنسبة إلى المكلف ، وقد يلاحظان بالنسبة إلى الفعل المكلف به ، حيث إن لهما ربطا بكل واحد منهما ، ولكل منهما لوازم بالنسبة إلى كل منها ، ونحن لا نجد مانعا من اجتماعهما في شيء من تلك الاعتبارات.
وتوضيح ذلك يتوقف على التكلم في مقامات ثلاثة :
أحدها : في لوازم اجتماعهما بالنسبة إلى المكلف ـ بالفتح ـ وثانيها : فيها بالنسبة إلى المكلف به.
وثالثها : فيها بالنسبة إلى المكلف ـ بالكسر ـ أما المقام الأول : فخلاصة الكلام فيه : أنه لا شبهة في أنه لايلزم من توجه الحكمين إلى المكلف في آن واحد شيء من محذوري اجتماع الضدين والقبح على الحكيم.
أما الأول : فلبداهة عدم التضاد بالنظر إلى المكلف بين حكمين ، أحدهما شأني ، والآخر فعلي ـ كما هو المفروض في المقام ـ فإن الأحكام الخمسة على تقدير تضادها فإنما هي متضادة مع اتفاقها في الوحدات الثماني المعتبرة في التناقض ، وأما بدونه فلا ، فإن أوضح مضادة من بين الأحكام إنما هو الوجوب والحرمة (١) ، ومن المعلوم أنه لا امتناع في ثبوتهما في حق المكلف بالنسبة إلى شيء واحد في آن واحد مع عدم تنجز أحدهما عليه وفعليته في حقه ، مع أنهما متضادان ،
__________________
(١) كذا في الأصل ، لكن صحيح العبارة هكذا : فإن أوضح مضادة بين الأحكام إنما هي المضادة بين الوجوب والحرمة.