وليس هذا إلا من جهة كفاية اختلافهما من حيث الشأنية والفعلية في رفع التضاد بينهما بالنسبة إليه (١).
وهذا هو الفارق بين المقام وبين مسألة اجتماع الأمر والنهي ، إذ المفروض هناك فعلية كل منهما في حقه فينكر (٢).
وأما الثاني : فلأن منشأه بالنظر إلى المكلف منحصر في التكليف بغير المقدور له ولو من قبل المكلف ـ بالكسر ـ وتفويت المصلحة على المكلف أو إيقاعه في المفسدة.
الأول : لا يلزم في المقام أصلا.
الثاني : وإن كان يلزم في بعض الصور ، لكنه لا يقبح مطلقا.
توضيح عدم لزوم الأول : أنه إذا كان الحكم الواقعي للفعل هو الوجوب (١) وكان الظاهري غير الحرمة ، أو العكس ، أو كان الواقعي هي الحرمة والظاهري غير الوجوب ، أو العكس ، فعدم لزومه بين.
__________________
(١) قال ـ دام ظله ـ : بل لا مانع من اجتماع الحكمين المتضادين مع فعليتهما إذا كان أحدهما مرتبا على الاخر ، لكن النّفس فيه تأمل ، بل منع ، فإنا لو تعقلنا مسألة الترتب فغاية ما يمكن أن يقال من إمكانه إنما هو في الطلبين المتضادين أو المماثلين (أ) مع تعلق كل منهما بضد متعلق الآخر لا بنقيضه ، إذ معنى الطلب المرتب على طلب آخر أنه أريد تحصيل متعلقه على تقدير عصيان ذلك الطلب ، ومن المعلوم أنه على تقدير عصيان الطلب المتعلق بأحد النقيضين يحصل الغرض من الطلب المتعلق بالآخر ، فيكون ذلك الطلب الآخر طلبا للشيء على تقدير حصوله ، وهل هذا الا طلب الحاصل؟! لمحرره عفا الله عنه.
(٢) اعلم أنه كما يمتنع اجتماع الأمر والنهي الفعليين كذلك يمتنع اجتماع الشأنيين منهما أو المختلفين إذا كان زمن فعلية كليهما واحدا ، فإنهما يصيران فعليين في وقت واحد ، وأما إذا كان أحدهما على وجه يمتنع فعليته ـ بل بقاؤه ـ مع فعلية الآخر ـ كما في الحكم الظاهري والواقعي ـ فيجوز اجتماع الشأنيين منهما أو المختلفين. لمحرره عفا الله عنه.
(٣) توجد في هذا الموضع من الأصل كلمة غير مقروءة يحتمل أنها : ( مثلا ).
__________________
(أ) كذا في الأصل ، والأصح ظاهرا : المتماثلين ).