بحكم أحد العنوانين ، فلا يلزم ما ذكر من المحذور.
نعم يتّصف بحكم كلّ منهما من باب العرض والمجاز.
وإن قيل إنّك سلّمت ثبوت التضادّ بين صفتي الإرادة والكراهة النفسيّتين ، وإنّما دفعت محذور اجتماعهما بتعدد المتعلّق ، لكنه إنّما يجدي مع تعدّد متعلّقهما في الخارج ـ أيضا ـ ومجرّد تعدّدهما في الذهن غير مجد مع فرض تصادفهما في مورد.
وذلك لأنّه كما يمتنع اجتماع الضدّين ، كذلك يمتنع صيرورة شيء واحد مصداقا لهما ، فإنّه ـ أيضا ـ آئل إلى الأول كما لا يخفى ، فإذا فرض أنّ أحد العنوانين مراد والآخر مكروه ، فيلزم كون مورد الاجتماع مرادا ومكروها وهو محال ، فيكون ملزومه ـ أيضا ـ كذلك.
قلنا : سلّمنا أنّ المراد والمكروه عنوانان متضادّان لكنّ الطبيعتين الموصوفتين بهما لا تتصادقان في مورد الاجتماع مع ثبوت الاتّصاف بهما فعلا ، وذلك لأنّ معنى الإرادة النفسيّة هو الحبّ للشيء (١) والشوق المؤكّد إليه ، ومعنى الكراهة النفسيّة إنّما هو البغض له (٢) ، ومن المعلوم أنّهما لا يعقل تعلّقهما بالطبائع من حيث هي ، بل إنّما تتعلّقان بها من حيثية وجودها الخارجيّ ، فإنّهما من مقولة الطلب ، نظير الأمر والنهي ، وإنّما الفرق بينهما وبين الأمر والنهي أنّهما طلبان من جانب القلب ، ويكون الطالب فيهما هو القلب ، والأمر والنهي طلبان من الشخص ، والطالب فيهما هو ، والطلب إنّما يتعلّق بالشيء من حيثية وجوده الخارجي ، ومن المعلوم أنّه بمجرّد تحقّق تلك الحيثية لا يعقل بقاؤه ، لاستلزام بقائه طلب الحاصل ، فالطبيعة المرادة المحبوبة قبل وجودها مرادة ومحبوبة ، لكنها غير مجامعة للطبيعة الأخرى المكروهة ، وبمجرّد وجودها ـ ولو في ضمن مورد
__________________
(١) في الأصل : هو الحبّ بالشيء.
(٢) في الأصل : هو البغض به.