اجتماعهما ـ ترتفع عنها تلك الصفة ، فهي حال اجتماعها مع تلك الطبيعة غير متّصفة بصفة الإرادة حتى يلزم اجتماع الضدّين.
وبالجملة : الأوصاف : منها ما لا قيام لها بموصوفها إلاّ في عالم الذهن ، كالكلية للمفاهيم ، ومنها ما لا قيام لها بموصوفها إلاّ في عالم الخارج ، كالألوان ، والحرارة ، والبرودة ، والطعوم : كالحلاوة ، والحموضة ، والملوحة ، ونحوها.
والطلب نظير القسم الأول ، أو منه ، فافهم.
هذا تمام الكلام وكمال النقض والإبرام في دفع التنافي بين الأحكام الواقعية والظاهرية ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة على نبيّه محمّد وآله الطاهرين.
وقد ظهر ممّا ذكرنا : أنّ ما ذكره المصنّف ـ قدّس سرّه ـ في وجه الدفع من تعدّد موضوعهما بمجرّده غير مجد ، فإنّه إنّما ينفع في رفع محذور اجتماع الضدّين ، لكنه لا يرفع محذوري التكليف بغير المقدور ، وتفويت المصلحة على المكلّف ، أو إيقاعه في المفسدة المشار إليهما في المقام الأول من المقامات الثلاثة المتقدّمة ، إذ من المعلوم أنّ تعدّد موضوعهما على تقديره إنّما هو بحسب الذهن ، وهو بنفسه لو كان مصحّحا لإيراد الأمر والنهي على شيء واحد لكان مصحّحا في مسألة اجتماع الأمر والنهي المعروفة ، مع أنّه ـ قدّس سرّه ـ لا يلتزم به ، فتأمّل (١).
ثمّ إنّه يتفرّع على ما ذكرنا في المقام الأول ـ من وجه دفع المحذورين
__________________
(١) وجه التأمّل : أن مسألة اجتماع الأمر والنهي مغايرة للمقام من حيث فرض المندوحة للمكلّف في امتثال الأمر فلا يلزم من الأمر ثمّة التكليف بغير المقدور. نعم يلزم من فرض الاجتماع ثمّة طلب غير المقدور تخييرا ، وهو أيضا قبيح كالتكليف بغير المقدور ، لكن تعدّد الجهة لو كان مجوّزا للتكليف بغير المقدور لكان مجوّزا له ـ أيضا ـ قطعا ، فإنّ قبحه لو لم يكن أخفى من قبح التكليف بغير المقدور لم يكن أجلى منه ، فالملتزم بجواز الاجتماع مع لزوم التكليف بغير المقدور لا بد أن يلتزم به مع لزوم طلب الغير المقدور تخييرا أيضا. لمحرّره عفا الله عنه.