المشار إليهما ـ صحّة البناء على وجود الأمر واقعا في مسألة اجتماع الأمر والنهي حال نسيان المكلّف للنهي وغفلته عنه أو عن القضيّة ، لجريان الوجه فيه بعينه ، فإنّه حينئذ معذور في مخالفة النهي ، فيصحّ توجّه الأمر إليه حينئذ.
فعلى هذا لا حاجة في توجيه صحّة عمله إذا كان عبادة إلى التجشّم لكفاية (١) جهة الأمر ، بل المصحّح حينئذ هو وجود نفس الأمر في نفس الأمر فعلا مع فرض كونه هو الداعي للمكلّف نحو الفعل ، فإنّ المفروض اعتقاده لشمول الأمر بالنسبة إلى مورد الاجتماع ، فاغتنم.
ثمّ أنّه يمكن دفع محذور اجتماع الضدّين بالنظر إلى المصلحة والمفسدة ، والإرادة والكراهة بنحو آخر لم يتعرّض له ـ دام ظلّه ـ وهو أن يقال :
إنّه لا يجب أن يكون الداعي للأمر بسلوك الطرق والأمارات الغير العلميّة ـ وكذا الأصول ـ مصلحة قائمة بنفس السلوك المتّحد مع موضوع الأحكام الواقعية ، حتى يتوهم منه لزوم اجتماع الضدّين بالنظر إلى نفس المصلحة والمفسدة ، وبالنسبة إلى لوازمها من الإرادة والكراهة ، نظرا إلى اتّحاد مواردها بالنسبة إلى مورد اجتماع العنوانين ، بل يمكن ان يكون ذلك مصلحة قائمة بنفس الأمر بالسلوك على طبقها ، فإنّ الالتزام بالمصلحة ـ في مقام نصب الطرق والأمارات وجعل الأصول ـ إنّما هو لأجل رفع محذور لزوم السفه والعبث في فعل الحكيم ، إذ لولاها لزم نقضه لغرضه مع تمكّن المكلّف من تحصيله ، ويكفي في رفعه وجود مصلحة في نفس الطلب المتعلّق بالسلوك على طبق الطرق والأمارات والأصول ، لا في السلوك ، ويكفي كونها مجرّد التوسعة على العباد ، فيختلف مورد المصلحة والمفسدة ولوازمهما في الخارج ـ أيضا ـ ، فلا يلزم الاجتماع بينهما ولا بين لوازمهما بوجه (٢).
__________________
(١) في الأصل : ( إلى التجشم بكفاية ). والأصحّ : إلى تجشّم كفاية ...
(٢) كذا في الأصل ، والأصوب : فلا يلزم اجتماعهما ولا اجتماع لوازمهما بوجه.