أحدهما على الآخر من حيث الدلالة ، ودليل اعتبار دلالتيهما وظهوريهما وإن كان ـ أيضا ـ متحدا ، إلا أنه يقتضي جعل كل ظهور طريقا إلى مؤداه ، وجعل احتمال خلافه بمنزلة العدم في عدم ترتب حكم المجعول له مع فقد ذلك الظهور عند وجوده.
ومن المعلوم أن مقتضى قوله : « لا تنقض اليقين بالشك » ليس إلا أنه جعل لاحتمال بقاء الحالة السابقة حكما ظاهريا ، وهو البناء على بقائه ، ومقتضى قوله عليه السلام : « تجب السورة » وجوبها واقعا ، واحتمال خلافه إنما هو عدم وجوبها الّذي هو مقتضى الاستصحاب ، وحكم الشارع بحجية ظهوره عدم اعتنائه بذلك الاحتمال ، فيكون ذلك في معنى ( أني لا أريد ذلك الحكم الظاهري المجعول له عند وجود ذلك الظهور ) ، فيكون نفس دليل اعتبار ظهوريهما مفسرا للمراد من قوله : « لا تنقض اليقين ».
فالحكومة بينهما إنما هي بالنظر إلى دلالتهما ، والتبعيض إنما هو بالنسبة إليها ، لا بالنسبة إلى الصدور.
وبعبارة أخرى : دليل اعتبار ذينك الظهورين يقتضي عدم اعتناء الشارع باحتمال (١) خلافهما ، بمعنى أنه لو فرض منه حكم مجعول لاحتمال خلافهما فهو منفي في مورديهما ، ومن المعلوم أن ظاهر قوله : « لا تنقض اليقين بالشك » أنه قد جعل للشك في احتمال البقاء والارتفاع حكما ظاهريا ، وهو وجوب البناء على مقتضى الحالة السابقة للمشكوك ، واحتمال خلاف ذلك الظهور عدم جعله للشك ذلك الحكم ، لا عدم جعله للمورد حكما واقعيا على خلاف حكمه السابق ، حتى يقع التعارض بين قوله المذكور وبين قوله : « تجب
__________________
(١) في الأصل : لاحتمال.