الآية بالنسبة إلى المستقلات ، أو تخصيصه بغير المستقلات ، أو عم البيان العقلي أيضا.
ثم إنه تمسك بعضهم بالآية على التفكيك بين حكم العقل والشرع ، بتقريب :
أن المراد بالرسول هو البيان النقلي ، ومورد الآية عام بالنسبة إلى المستقلات العقلية ، فتدل على نفي العذاب عنها إلا بعد البيان [ النقلي ](١) ، مع أن العقل مستقل باستحقاق العقاب والعذاب عليها ، فلزم التفكيك بين العقل والشرع.
فأجاب عنه بعض من استدل بها فيما نحن فيه على أصالة البراءة ، بأن الآية إنما تدل على نفي فعلية العذاب ، وهو أعم من نفي الاستحقاق ، ولا دلالة للعام على الخاصّ ، فيمكن معه ثبوت نفس الاستحقاق عند الله ـ أيضا ـ الّذي يحكم به العقل ، ويكون عدم فعلية العذاب من باب العفو ، فلا ينافي ثبوت أصل الحكم المدعى ، كما في الظهار على ما قيل ، فلم تنف الآية حكم العقل حتى يلزم التفكيك. هذا.
أقول : ويرد عليه أيضا : أن الاستدلال بها على التفكيك مبني على اختصاص البيان بالنقلي ، كما عرفت ، مع عموم الآية للمستقلات العقلية ، وفي كل واحدة من هاتين المقدمتين منع ظاهر ، لعدم ما يدل على الاختصاص إن لم نقل بظهور البيان بالنسبة إلى العقلي ، ومعه تدل الآية على التطبيق ، لا التفكيك ، نظرا إلى وجه التعلق بالغاية ، فإنه غاية نفي العذاب أو استحقاقه حاصلة في المستقلات.
ولو سلمنا فغايته الإجمال ، ومعه تسقط الآية عن الاستدلال بها على ما
__________________
(١) في الأصل : ( العقلي ) ، وهو من سهو القلم.