نعم يمكن ذلك بدليل آخر ، وهو خارج عن محل الكلام.
والحاصل : أن صورة التعارض غير قابلة للدخول في تلك الأدلة على التقديرين مع فرض إرادة وجوب العمل بكل من خصوصيات الأخبار على التعيين من تلك الأدلة.
نعم يمكن استفادة حكمهما من نفس تلك الأدلة على التقدير الأول (١) على بعض الوجوه ، وسيأتي بيانه عن قريب إن شاء الله (٢) ، فانتظر.
ثم إنه كما لا يمكن إطلاق اعتبار الأخبار ، بل مطلق الطرق والأمارات على وجه التعيين بالنسبة إلى صورة التعارض ـ كما عرفت ـ كذلك لا يعقل تقييد أدلة الاعتبار بغير تلك الصورة ـ أيضا ـ على كل من الوجهين المتقدمين في كيفية اعتبارها ، وذلك لوجهين :
أحدهما : لزوم السفه على تقديره ، إذ فائدته إخراج تلك الصورة عن تحت تلك الأدلة ، والمفروض عدم شمولها لها بنفسها ، فيكون تحصيلا للحاصل.
وثانيهما : امتناعه في نفسه مع قطع النّظر عن كونه سفهيا ، فإن التعارض بين الطريقين ليس بالنسبة إلى ذاتيهما ، ضرورة إمكان اجتماع ذاتيهما ، ولا بالنسبة إلى وجوب العمل بأحدهما وذات الآخر ، لدخولهما حينئذ في المانع والممنوع (٣) ، بل بالنسبة إلى وجوبيهما ، بمعنى أن التدافع حقيقة بين وجوب
__________________
(١) بل على التقدير الثاني ـ أيضا ـ لما سيأتي هناك من عدم الفرق. لمحرره عفا الله عنه.
(٢) في المقام الثاني من المقامين اللذين وضعنا أحدهما لتأسيس الأصل في حكم المتعارضين والآخر لبيان كيفية استعمال الخطاب الدال على اعتبار الأخبار. لمحرره عفا الله عنه.
(٣) ومن المعلوم عدم التعارض بين المانع والممنوع بل يتعين الأخذ بالمانع ان كان حجة في نفسه مع تعينه وإلا فلا يعمل بشيء منهما.
لا يقال : إن المانع من الأخذ بكل من المتعارضين إنما هو كونه من أطراف ذلك المعلوم الإجمالي ، أعني معلوم الكذب المردد بينهما لا وجوب الأخذ بالآخر.
لأنا نقول : لو فرضنا قيام طريقين على طرفي النقيض في مورد مع كون أحدهما المعين حجة في نفسه