من الأخبار أو من العقل إنما هي موارد احتمال التكليف التي لم يقم عليها حجة ، فتأمل (١).
والحاصل : أن احتمال الترجيح لأحد الخبرين المتعارضين ، وإن لم يكن في نفسه صالحا لإثبات حجية مورده ، لكن بعد قيام الدليل على حجية أحدهما في الجملة يوجب تيقن حجية مورده ، فالأخذ به إنما هو لأجل ذلك.
فقد ظهر أن الأصل بالنظر إلى الأدلة اللبية من الإجماع والسيرة وإلى تواتر الأخبار القاطعة للأصل الأولي في الطريقين المتعارضين بالنسبة إلى الخبرين المتعارضين ـ أيضا ـ مع الإغماض عن الأدلة المتقدمة ، إنما ووجوب الترجيح.
لا يقال : إن إطلاق أخبار التخيير حجة على عدم وجوب الترجيح.
لأنا نقول : إنه لا بد من تقييدها بأخبار الترجيح بالنسبة إلى المرجحات المنصوصة فيها لا محالة عملا بقاعدة المطلق والمقيد ، المتفق عليها في المتنافيين منهما ، ولا يعقل ملاحظة التعارض بينهما ، فضلا عن ترجيح الأول فتأمل (٢).
وأيضا بعض أخبار التخيير مقيد بصورة فقد المرجحات ، فلا بدّ من تقييد غيره به ، عملا بتلك القاعدة.
نعم يتجه الاحتجاج بإطلاقها في نفي وجوب الترجيح بغير المرجحات المنصوصة ، إذا لم يستظهر من أخبار الترجيح وجوب الأخذ بمطلق المزية ، وليس
__________________
(١) وجه التأمل أن غاية ما هنا إنما هي العلم بجواز الأخذ بمحتمل الترجيح من الخبرين ، وهذا بمجرده لا يوجب تمامية الحجة في مؤداه حتى لا يجري فيه أصالة البراءة لفرض احتمال حجيته من باب التخيير ، إذ من المعلوم أنه على تقدير كونه حجة تخييرا لا ينهض حجة في مؤداه إلا بعد الأخذ والالتزام به ، فافهم. لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) وجه التأمل أن الكلام على تقدير الغض عن أخبار الترجيح فلا معنى حينئذ للجواب بتقييد إطلاق أخبار التخيير بها. لمحرّره عفا الله عنه.