نفسها مرجحة إلا أنها أيضا كصفات الراوي من حيث عدم إفادتها شيئا ، كما لا يخفى.
فالحري أن يقال : إن المرجح الداخليّ هي المزية الراجعة إما إلى صفات الراوي أو إلى صفات لفظ الرواية ، كالفصاحة والأفصحية ، وككونها منقولة باللفظ والشهرة من حيث الرواية ، والخارجي بخلافه ، فيصدق على موافقة الكتاب والأصل والشهرة الفتوائية ، فإن كلا من الثلاثة من صفات معنى الرواية ، هذا.
قوله ـ قدس سره ـ : ( وجعل المعتبر مطلقا خصوصا ما لا يؤثر في الخبر من المرجحات لا يخلو عن مسامحة ) (١).
مراده (قدس سره) من الجعل إنما هو جعل العلماء ، يعني تسميتهم المعتبر مرجحا ، لا جعل الشارع بمعنى وضعه وحكمه بلزوم الأخذ به ، فإنه بهذا المعنى واقع في الشريعة حقيقة ومن غير مسامحة ، ولا بمعنى تسميته ، لأنه لم يعبر عنه ولا عن غيره من المرجحات ـ أيضا ـ بلفظ المرجح في الأخبار المأثورة عن أهل العصمة عليهم السلام حتى يقال : إنه على وجه الحقيقة أو المسامحة وإنما سماها العلماء بهذا الاسم.
ووجه المسامحة في تسمية مطلق المعتبر من المرجحات الخارجية بالمرجح أنه قد مر أن المرجح الخارجي هو ما يكون مستقلا بنفسه في الدليليّة على تقدير اعتباره في نفسه ، فإذا فرض اعتباره كذلك فهو بنفسه دليل على الحكم الّذي يفيد أحد الخبرين المتعارضين الموافق له ، فلا بد من الالتزام بذلك الحكم على تقدير الترجيح والعمل بالراجح منهما ، وعلى تقدير عدمه فلا يزيد على تقدير الترجيح به شيء ، بل الترجيح حقيقة راجع إلى العمل به ، لا بالراجح منهما فهو
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٨٣.