مورد الاجتماع عن أحدهما ويدخل في الآخر ويثبت له حكمه.
قلنا : بين المقامين بعد المشرقين فإن المفروض كون العامين وجه المتعارضين ظاهرين وقد عرفت أن معنى الجمع إنما هو التعبد بسندي المتعارضين والحكم بصدورهما ولازمه إجمالهما إذا كانا ظاهرين والتزام التأويل في أحدهما لا بعينه إذا لم يكن شاهد من الخارج على التعيين ، لعدم إمكان الأخذ فيه بالمرجحات السندية ، إذ معنى الأخذ بها إنما هو التعبد بذيها خاصة في مورد التعارض ، والمفروض بمقتضى قاعدة الجمع التعبد بصدور كلا المتعارضين ، وإنما الّذي يمكن الأخذ به فيه هي المرجحات الراجعة إلى قوة الدلالة المفروضة العدم في المقام أو شاهد خارجي وهو غير مفروض في السؤال عن الفرق ، مع أنه لا يجب وجوده في جميع الموارد بل قد يوجد وقد لا يوجد.
هذا بخلاف ما إذا عملنا بالمرجحات السندية على الوجه المتقدم ، إذ حينئذ يكون مورد الاجتماع محكوما بدخوله في ذيها خاصة ـ في مرحلة الظاهر ـ من غير تردد وتحير وانتظار شاهد خارجي ، فاحفظ ولا تنس.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( فحكمهما حكم الظاهرين المحتاجين في الجمع بينهما إلى شاهدين ) (١).
يعني المحتاجين في الجمع بينهما إلى التأويل في كليهما معا فعبّر عن التأويلين بالشاهدين تنبيها على توقف التأويل ـ فيما إذا لم يكن أحد الخبرين بنفسه قرينة على التصرف والتأويل في الآخر ـ على ورود شاهد من الشارع عليه من غير فرق بين الواحد منه وبين المتعدد ، فلا يجوز المبادرة إليه مطلقا من غير دليل شرعي عليه ، وقد مر مرارا أن غاية ما يتخيل كونه شاهدا عليه في الظاهرين دليل اعتبار صدورهما ، وقد مر دفعه بأنه لا حكومة له على دليل
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٨٨.