قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( فكذلك ورود التقييد والتخصيص للعمومات والمطلقات ) (١).
توضيح القياس أنه لا ريب أن النبي صلّى الله عليه وآله ولم يبيّن جميع الأحكام الواقعية للموجودين في زمنه في أول بعثته دفعة ، بل إنما بينها لهم على التدريج إلى يوم ارتحاله إلى الدار الآخرة ، كما يظهر من الأخبار والآثار المأثورة عن أهل بيته الأطهار سلام الله عليهم مع أنهم كانوا مشاركين لغيرهم في جميع الأحكام الواقعية وليس ذلك إلا لأجل أن الشارع جعل أحكامهم ـ في مرحلة الظاهر قبل بيان تلك التكاليف ـ مقتضى أصالة البراءة العقلية وهو التخيير والإباحة لأجل مصلحة من التسهيل عليهم أو غيرها من المصالح ، ورفع ذلك المقتضى عنهم بالنسبة إلى كل مورد ببيان التكليف الواقعي الثابت لذلك المورد واقعا ، فإذا جاز ذلك ، بل ثبت وقوعه ، جاز أن يكون حكمهم في مرحلة الظاهر في موارد الخطابات العامة أو المطلقة هو مقتضى العموم والإطلاق لأجله مصلحة مع كون الحكم الواقعي لهم ثابتا للخاص ، إذ مع عدم فرض المصلحة لا يصح إيقاع المكلف على خلاف الواقع مطلقا ومعها لا فرق بين الموارد قطعا.
وتوهم الفرق بين المقامين بأن غاية ما في المقيس عليه إنما هو عدم بيان الشارع للأحكام الواقعية وهو لا يستلزم قبيحا ، لعدم استناد فوت الواقع على
__________________
بعض أفراده ، ومورد الحاجة إلى البيان حقيقة إنما هو هذا القسم خاصة ، لعدم الحاجة إليه في الأول ، فيصح أن يقال إنه يصح تأخير البيان عن وقت الحاجة بقول مطلق إلا أن ذلك لا يوجب تعيين كون الخاصّ في مورد الفرض ناسخا ، لأنه لم يفرض فيه كون المراد هو العمل بالعامّ في غير مورد الخاصّ على تقدير كونه بيانا ، فمع إمكان ذلك الّذي ذكرنا يتحقق الدوران فيه بين كونه مخصصا وبيانا وبين كونه ناسخا إذا كان مجملا في المورد ، فلا بدّ من فرض امتناع الدوران فيما إذا علم من الخارج عدم تعبد الشارع بمقتضى العموم على تقدير تخصيصه واقعا. لمحرّره عفا الله عنه.
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٩١.