وهذا الّذي ذكره ـ قدس سره ـ دفع لما ربما يتوهم من أنه لعل مراد المحقق ـ قدس سره ـ من الأصل الّذي ادعي الاتفاق على العمل به إذا لم يكن دليل مخالف له هو اللفظي ، بمعنى أنه ـ قدس سره ـ فهم أن السيد ـ قدس سره ـ حكم بجواز إزالة النجاسات بالمائعات المضافة متمسكا بإطلاق لفظ الغسل في الأوامر الشرعية الواردة في الغسل عن النجاسات ، مع عدم ثبوت دليل على خلافه عنده ، فنسب حكم المسألة إلى مذهبنا ، لأن المذهب على جواز العمل بأصالة الإطلاق ، وسائر الأصول اللفظية ما لم يثبت دليل على الخلاف.
فوجه كلامه بما فهمه منه.
قوله ـ قدس سره ـ : ( وان طريقة الشارع كان تبليغ المحرمات ... ) (١).
قد بتوهم : أنه ـ قدس سره ـ جعل ذلك من كواشف الإجماع العملي المذكور ، وأن قوله : ( وأن طريقة الشارع ) عطف على قوله : ( فإن سيرة المسلمين ).
لكن لا يخفى ما فيه من الضعف ، فإن ذلك على تقدير ثبوته لا يصلح لكونه كاشفا عن الإجماع المذكور ، بل إنما هو دليل آخر مستقل على إثبات أصالة البراءة ، ويمكن أن يكون معطوفا على قوله : ( الإجماع العملي ) ، بأن يكون الوجه الثالث من وجوه الكواشف عن الوجه الثاني من وجهي الإجماع مركبا من الإجماع العملي ومنه ، لكن على هذا أيضا لا يسلم من الإشكال المذكور ، مع أنه يبعده ـ أيضا ـ أنه ـ قدس سره ـ جعل كل واحد من وجوه الكشف عن الوجه الثاني من وجهي الإجماع بسيطا ، لا مركبا من وجهين ، فتدبر.
لكن الظاهر أنه عطف على الفحص في قوله : ( بعد الفحص ) يعني أن سيرة المسلمين على عدم الالتزام والإلزام بترك ما يحتمل ورود النهي عنه من
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٣٤.