الواقعية المشكوك فيها عندك ضرورة أن هذا الخطاب لا يعقل كونه بيانا لذلك التكليف الواقعي المشكوك فيه وطريقا إليه ، بل هو على جهالته بعده أيضا ، فيكون هذا إلزاما بامتثال تكليف لا بيان له أصلا ، وهو قبيح.
نعم يجوز له الأمر ـ في الصورة المفروضة ـ بالاحتياط ، مع جعل موضوعه هو احتمال الخطاب الواقعي ، لا الضرر الأخروي ، بأن يأمر : بأنك إذا احتملت في مورد احتمال (١) كونه منهيا عنه في الواقع يجب عليك التحرز عنه ، فإن المفروض احتمال الخطاب ، وليس كالضرر الأخروي الّذي يقطع بعدمه ، فيصح جعل موضوع ذلك الأمر هو محتمل الخطاب ، إلا أن هذا الأمر ـ أيضا ـ لا يعقل كونه بيانا للتكليف والخطاب المشكوك فيه ، وإنما هو بيان لحكم هذا الموضوع الخاصّ ، وهو المحتمل كونه منهيا عنه مثلا ، فهو مصحح للعقاب على مخالفة نفسه ولو لم يكن في مورده تكليف واقعي أصلا ، لا على الواقع.
هذا بناء على كون ذلك الأمر شرعيا.
وأما لو كان إرشاديا لأجل التحرز عن الضرر الدنيوي المترتب على الحرام الواقعي الغير المرتفع بالجهل ، فحينئذ لا عقاب على نفسه أيضا.
قوله ـ قدس سره ـ : ( ودعوى أن حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بيان عقلي ... إلى آخره ) (٢).
طريق الإيراد بتلك القاعدة (٣) أن يقال علي نحو الإجمال (٤) : إنه إذا بني على قبح العقاب عقلا على التكليف المجهول فهنا قاعدة عقلية أخرى ـ وهي وجوب دفع الضرر المحتمل ـ فما يصنع بتلك؟ وكيف التوفيق بينها وبين هذه ،
__________________
(١) لا يخفى عليك زيادة كلمة ( احتمال ) هنا.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٣٥.
(٣) وهي قاعدة دفع الضرر المحتمل.
(٤) يعني بطور سربستگي. لمحرره عفا الله عنه.