لا يوجب عود ذلك الأصل في الباقي ، فافهم.
وأما وجه لزوم الاجتناب عن غير المعلوم تفصيلا في المورد الثاني : فهو أنه إن علم بحرمة ذلك الطرف تفصيلا ـ مع العلم باتّحاده مع المعلوم الإجمالي ، بأن علم أنه هو ـ فلا إشكال ـ حينئذ ـ في تبدّل ذلك المعلوم بالإجمال إلى المعلوم بالتفصيل ، ويكون الشكّ في الطرف الآخر بدويا ، لا شيء يوجب الاحتياط فيه ، بل يرجع فيه إلى الأصل السليم عن المعارض ، فإنه لا يجري الأصل ـ حينئذ ـ في الطرف المعلوم تفصيلا ، حتى يعارضه في هذا الطرف.
وإن علم بحرمته تفصيلا ـ مع الشكّ في اتحاده مع المعلوم الإجمالي ، بأن احتمل كون غيره ـ فعدم لزوم الاجتناب عن غيره ـ حينئذ ـ وإن لم يكن في الوضوح مثله في الفرض الأول ، لكن لا ينبغي الإشكال فيه هنا أيضا فإنّ العلم هنا وإن كان متعدّدا ، إلاّ أنّ العبرة ـ في مقام لزوم الامتثال ـ على تعدّد (١) المعلوم لا تعدّد العلم ، ولا ريب أنّ المكلّف في تلك الحال لا يعلم بحرمة أزيد من ذلك المعلوم بالتفصيل ، وليس عنده ـ حينئذ ـ معلوم آخر مردّد بينه وبين الأطراف الاخر ، حتى يجب الاجتناب عنها من باب المقدّمة ، فالعلم التفصيليّ ـ أيضا حينئذ ـ موجب لتبدّل العلم الإجمالي إلى العلم التفصيليّ والشكّ البدوي في سائر الأطراف ، فيرجع فيها إلى الأصل السليم عن المعارض.
لا يقال : إنّ المفروض ـ في هذا الفرض ـ وجود معلوم إجمالي مردّد بين الأطراف قبل حصول العلم التفصيليّ بحرمة بعضها ، وهو بعد وجوده وقبل حصوله صار منجّزا على المكلّف ، فيجب عليه الخروج عن عهدته على سبيل الجزم ، والاجتناب عن المعلوم التفصيليّ لا يوجب الجزم بالخروج عن عهدته بل يتوقّف على الاجتناب عن سائر الأطراف أيضا.
وبالجملة : الحال هنا نظير الحال في الموارد الأول ، وهو تلف بعض
__________________
(١) كذا في الأصل ، والمناسب : بتعدّد المعلوم.