حد محدود قال إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعلي عليهالسلام إذا مت فاستق ست قرب من ماء بئر غرس فغسلني وكفني وحنطني فإذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني ثم سلني عما شئت فو الله لا تسألني عن شيء إلا أجبتك فيه.
______________________________________________________
والجوامع جمع الجامعة وهي المواضع التي جمعت طرفي الثوب الملفوف على شيء. وفي بعض الروايات بمجامع كفني بهذا المعنى « ثم سلني » هذا السؤال والجواب إما على الحقيقة بإعادة الروح إلى جسده المقدس أو على المجاز باتصال روحاني بين روحيهما المقدسين وانتقاش أحدهما من الآخر كالمرءاتين المتقابلتين ، أو على نحو آخر لا تصل إليه عقولنا القاصرة.
قال الغزالي في رسالة العلم اللدني : قال أمير المؤمنين عليهالسلام إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أدخل لسانه في فمي فانفتح في قلبي ألف باب من العلم ، وفتح لي كل باب ألف وقال أيضا : لو ثنيت لي الوسادة وجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم ولأهل الفرقان بفرقانهم ، وهذه المرتبة لا تنال بمجرد التعلم بل يتمكن المرء في هذه المرتبة بقوة العلم اللدني ، وكذا قال عليهالسلام لما حكى عن عهد موسى عليهالسلام : إن شرح كتابه كان أربعين وقرأ ، قال الغزالي : وهذه الكثرة والسعة والانفتاح في العلم لا يكون إلا من لدن إلهي سماوي ، انتهى.
لا يقال : قد مر في الأخبار أنه لم يخرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الدنيا إلا وعلي عليهالسلام علم جميع علمه ، فهذا أي علم؟
لأنا نقول : يحتمل أن يكون المراد بجميع علمه ما تحتاج الأمة إليه من أمور الدين والدنيا ويكون هذا غيره ، أو يكون المراد بالموت ما يشمل ما يقرب منه من الأزمان ، أو يراد به الموت بعد هذه الحياة ، مع أنه يمكن أن تكون هذه العلوم لم تكن له صلىاللهعليهوآلهوسلم في حال حياته بل مما أفيض عليه بعد قطع تعلقه عن العلائق الجسمانية واتصاله بعالم القدس بالكلية كما مر أنه يفاض عليه صلىاللهعليهوآله علم ما يحدث بالليل والنهار للأئمة عليهمالسلام ، والله يعلم غرائب أسرارهم وأحوالهم.