أما علمت أن الله جعل ولد إبراهيم عليهالسلام أئمة وفضل بعضهم على بعض وآتى « داوُدَ زَبُوراً » وقد علمت بما استأثر به محمدا صلىاللهعليهوآله يا محمد بن علي إني أخاف عليك الحسد وإنما وصف الله به الكافرين فقال الله عز وجل : « كُفَّاراً حَسَداً
______________________________________________________
كذا خطر بالبال وقيل : أي لا تستنكفوا من التعلم وإن كنتم علماء ، فإن فوق كل ذي علم عليم.
وقيل : هذا بيان لما سبق بتشبيه المصدق للإمام بالظل في النهار ، والإمام بالضحى فإن كليهما ضوء والأول مستضيء بالثاني ، وخارج من الظلمات إلى النور ، والثاني أضوء من الأول.
« أما علمت » تمثيل لما ذكر سابقا وتقرير له ، وتنبيه على أنه كما كان بين أولاد الخليل عليهالسلام تفاوت في العلم والفضل حتى صار الأفضل مستحقا للخلافة ، وكان بين المستحقين لها أيضا تفاوت في الفضل ، فكذا بين أولاد سيد الأوصياء أيضا تفاوت فيه حتى صار بعضهم مستحقا للإمامة دون بعض.
وقوله : جعل ولد إبراهيم أئمة ، إشارة إلى قوله تعالى : « وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ ، وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا » (١) وقوله : وفضل « إلخ » إشارة إلى قوله سبحانه : « وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً » (٢).
« وقد علمت بما استأثر الله به (٣) » الباء لتقوية التعدية وليس « به » في إعلام الورى وهو أظهر ، والاستئثار التفضيل يعني قد علمت أن الله فضل محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم على جميع خلقه بوفور علمه وعمله ومكارم أخلاقه ، لا بنسبة وحسبه وأنت تعلم أن الحسين عليهالسلام أفضل منك بهذه الجهات « إني أخاف » في إعلام الورى إني لا أخاف وهو أظهر وأنسب بحال المخاطب بل المخاطب أيضا « كُفَّاراً حَسَداً » فالآية هكذا : « وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٧٣.
(٢) سورة الإسراء : ٥٥.
(٣) وفي المتن « استأثر » به