مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ » (١) ولم يجعل الله عز وجل للشيطان عليك سلطانا يا محمد بن علي ألا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك قال بلى قال سمعت أباك عليهالسلام يقول يوم البصرة من أحب أن يبرني في الدنيا والآخرة فليبر محمدا ولدي يا محمد بن علي لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي عليهالسلام بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي وعند الله جل اسمه في الكتاب وراثة من النبي صلىاللهعليهوآله
______________________________________________________
لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً » لو يردونكم مفعول ود ، ولو بمعنى أن المصدرية أي أن يردوكم « كُفَّاراً » حال عن ضمير المخاطبين « حَسَداً » مفعول له لود « مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ » صفة لقوله : حسدا ، أي حسدا منبعثا من عند أنفسهم ، أو متعلق بود « مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ » بالمعجزات والنعوت المذكورة في كتبهم.
« ولم يجعل الله » جملة دعائية إنشائية أو خبرية ، والغرض قطع عذره أي ليس للشيطان عليك سلطان واستيلاء يجبرك على إنكار الحق ، فإن أنكرت فمن نفسك ، ولا ينافي ذلك قوله سبحانه : « إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ » (٢) لأن ذلك بجعل أنفسهم لا بجعل الله ، أو السلطان في الآية بمعنى لا يتحقق معه الجبر ، أو المعنى أنك من عباد الله الصالحين ، وقد قال الله تعالى : « إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ » (٣).
« فليبر محمدا » أي يحسن إليه ويكرمه ولا يدل على الطاعة حتى يتكلف بأن المراد الطاعة في هذا اليوم حيث أعطاه الراية وبعث معه جماعة من عسكره فكان عليهم أن يطيعوه.
« وعند الله جل اسمه » لعله عطف على قوله : من بعدي ، أي وإمام عند الله في الكتاب أي في اللوح أو في القرآن أو في الوصية المنزلة من السماء كما مر ، والعطف في قوله : ومفارقة روحي ، للتفسير وقوله : من بعدي تأكيد وتصريح باتصال الإمامة
__________________
(١) سورة البقرة : ١٠٩.
(٢) سورة النحل : ١٠٠.
(٣) سورة الحجر : ٤٢.