من بهماء صرنا إليه آنفا من غماليل ألجأ إليه السباريت من الايمان ، ويوشك أن يكون هبوطنا منه إلى صحصح من غير بعد من الدهر ، ولا تطاول من الزمان ، ويأتيك نبأ منا بما يتجد دلنا من حال ، فتعرف بذلك ما تعتمده من الزلفة إلينا بالاعمال والله موفقك لذلك برحمته.
فلتكن حرسك الله بعينه التي لا تنام أن تقابل بذلك ، ففيه تبسل نفوس قوم حرثت باطلا لاسترهاب المبطلين وتبتهج لدمارها المؤمنون ، ويحزن لذلك المجرمون.
وآية حركتنا من هذه اللوثة (١) حادثة بالحرم المعظم ، من رجس منافق مذمم ، مستحل للدم المحرم ، يعمد بكيده أهل الايمان ، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم لهم والعدوان ، لاننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الارض والسماء ، فليطمئن بذلك من أولياءنا القلوب وليثقوا بالكفاية منه ، وإن راعتهم بهم الخطوب ، والعاقبة لجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ، ما اجتنبوا المنهي عنه من الدنوب.
ونحن نعهد إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين ، أيدك الله بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين ، أنه من اتقى ربه من إخوانك في الدين وخرج عليه بما هو مستحقه (٢) كان آمنا من الفتنة المظلة (٣) ، ومحنها المظلمة المضلة ، ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته ، على من أمره بصلته ، فانه يكون خاسرا بذلك لاولاه وآخرته ، ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته ، على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم ، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ، ولتعجلت لهم ، سعادة بمشاهدتنا ، على حق المعرفة وصدقها منهم بنا ، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ، ولا نؤثره منهم ، والله المستعان ، وهو حسبنا ونعم الوكيل
____________________
(١) اللوثة : الشرو الدنس ، وفي بعض النسخ : اللوبة : وهي الحرة من الارض ذات الحجارة السود كاللابة ، وفي بعضها اللزبة ، وهي الشدة والقحط.
(٢) في نسخة الاحتجاج : « وخرج مما عليه إلى مستحقيه ».
(٣) ويحتمل أن تكون بالمهملة « المطلة » وكلاهما بمعنى المشرفة.