أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ » (١) قال إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل علي يمين ألا أفعل.
______________________________________________________
يطلق لما يعرض دون الشيء وللمعرض للأمر ، ومعنى الآية على الأول ولا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير ، فيكون المراد بالأيمان الأمور المحلوف عليها كقوله عليهالسلام لابن سمرة : إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فات الذي هو خير وكفر عن يمينك. وأن مع صلتها عطف بيان لها ، واللام صلة عرضة لما فيها من معنى الاعتراض ، ويجوز أن يكون للتعليل ويتعلق أن بالفعل أو بعرضة ، أي ولا تجعلوا الله عرضة لأن تبروا لأجل أيمانكم فتتبذلوه بكثرة الحلف به ، وأن تبروا علة النهي أي أنهيكم عن إرادة بركم وتقواكم وإصلاحكم بين الناس ، فإن الحلاف مجترئ على الله والمجترئ على الله لا يكون برا متقيا ، ولا موثوقا به في إصلاح ذات البين.
وقال الطبرسي (ره) : في معناه ثلاثة أقوال : أحدها : أن معناه ولا تجعلوا اليمين بالله علة مانعة لكم من البر والتقوى من حيث تعتمدونها لتعتلوا بها وتقولوا حلفنا بالله ولم تحلفوا به ، والثاني : أن عرضة معناه حجة فكأنه قال : لا تجعلوا اليمين بالله حجة في المنع من البر والتقوى فإن كان قد سلف منكم يمين ثم ظهر أن غيرها خير منها فافعلوا الذي هو خير ولا تحتجوا بما قد سلف من اليمين ، والثالث : أن معناه لا تجعلوا اليمين بالله عدة مبتذلة في كل حق وباطل لأن تبروا في الحلف بها وتتقوا المأثم فيها وهو المروي عن أئمتنا عليهمالسلام ، نحو ما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فإنه يقول سبحانه : « وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ » وتقديره على الوجه الأول والثاني : لا تجعلوا الله مانعا عن البر والتقوى باعتراضك به حالفا ، وعلى الثالث لا تجعلوا الله مما
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٤.