.................................................................................................
______________________________________________________
أو بعده لقوله تعالى بعد ذكر أطوار البدن : « ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ » (١) إشارة إلى إفاضة النفس ، ولا دلالة في الحديث مع كونه خبر واحد على أن المراد بالأرواح النفوس البشرية أو الجوهرية العلوية ولا في الآية على أن المراد إحداث النفس أو إحداث تعلقها بالبدن ، وأما الفلاسفة فمنهم من جعلها قديمة وذهب أرسطو وشيعته إلى أنها حادثة ، ثم ذكر دلائل الطرفين واعترض عليها بوجوه.
وأما أصحابنا رضوان الله عليهم فظاهر أكثر المحدثين أنهم قالوا بظواهر تلك الأخبار ، قال الصدوق رضياللهعنه في رسالة الاعتقادات : اعتقادنا في النفوس أنها الأرواح التي بها الحياة وأنها الخلق الأول ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أول ما أبدع الله سبحانه هي النفوس المقدسة المطهرة فأنطقها بتوحيده ، ثم خلق بعد ذلك سائر خلقه ، واعتقادنا فيها أنها خلقت للبقاء ولم تخلق للفناء ، وساق الكلام إلى قوله : وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، وقال الصادق عليهالسلام : إن الله تعالى آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة ، ولم يورث الأخ من الولادة.
وأما المتكلمون منا فأكثرهم قالوا بحدوثها بعد تصوير البدن في الرحم وأولوا هذه الأخبار بتأويلات بعيدة ، قال الشيخ المفيد (ره) في أجوبة المسائل السروية : فأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فهو من أخبار الآحاد ، وقد روته العامة كما روته الخاصة ، وليس هو مع ذلك مما يقطع على الله بصحته ، وإن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد ، واخترع الأجساد واخترع لها الأرواح ، فالخلق للأرواح قبل
__________________
(١) سورة المؤمنون : ١٤.