.................................................................................................
______________________________________________________
الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه ، وليس بخلق لذواتها كما وصفناه ، والخلق لها بالإحداث والاختراع بعد خلق الأجسام والصور التي تدبرها الأرواح ، ولو لا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها ، ولا تحتاج إلى آلة تعتملها ولكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل خلق الأجساد كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد ، وهذا محال لا خفاء بفساده ، وأما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة فالمعنى فيه أن الأرواح التي هي الجواهر البسائط تتناصر بالجنس وتتخاذل بالعوارض فما تعارف منها باتفاق الرأي والهوى ائتلف ، وما تناكر منها بمباينة في الرأي والهوى اختلف ، وهذا موجود حسا ومشاهد وليس المراد بذلك أن ما تعارف منها في الذر ائتلف كما تذهب إليه الحشوية كما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان عليها قبل ظهوره في هذا العالم ، ولو ذكر بكل شيء مما ذكر ذلك ، فوضح بما ذكرناه أن المراد بالخبر ما شرحناه والله الموفق للصواب ، انتهى.
وقال الراوندي (ره) في كتاب ضوء الشهاب : في شرح قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الأرواح جنود مجندة قال بعض من تكلم في هذا الحديث : أنه على حذف المضاف ، والتقدير ذوا الأرواح ، وهذا قريب المأخذ ، وعند جماعة من محققي أصحاب الأصول أنه يجوز عقلا أن يكون الله تعالى إذا استشهد الشهيد أو توفي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الصالح من بني آدم ينتزع من جسده أجزاء بقدر ما تحل الحياة التي كانت الجملة بها حية ، فيردها إلى تلك الأجزاء فتصير حيا وإن كان جثته صغيرة ، فيرفعه إلى حيث شاء فإنه لا اعتبار في الحي بالجثة ، وظاهر الكتاب يشهد بصحة ذلك وكذا الحديث ، وهذا الحديث أيضا مما يعضده ، فعلى هذا تتعارف هذه الأجساد اللطيفة بعد موت صاحبها كما كانت في دار الدنيا ، يعرف بعضها بعضا ، وتتباشر فتأتلف وبالعكس ، انتهى.