.................................................................................................
______________________________________________________
مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ » (١) وقال : « مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ » (٢) وقال : « وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ » (٣) وقال : « قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ » (٤) فمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وسائر الأنبياء من البشر أرسلوا إلى البشر ولو لا ذلك لما أطاق الناس مقاومتهم والقبول عنهم ومخاطبتهم.
قال الله تعالى : « وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً » (٥) أي لما كان إلا في صورة البشر الذين تمكنكم مخالطتهم إذ لا تطيقون مقاومة الملك ومخاطبته ورؤيته إذا كان على صورته.
وقال : « لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً » (٦) أي لا يمكن في سنة الله إرسال الملك إلا لمن هو من جنسه أو من خصه الله تعالى واصطفاه وقواه على مقاومته كالأنبياء والرسل فالأنبياء والرسل وسائط بين الله وبين خلقه يبلغونهم أو أمره ونواهيه ووعده ووعيده ويعرفونهم بما لم يعلموهم من أمره وخلقه وجلاله وسلطانه وجبروته وملكوته ، فظواهرهم وأجسادهم وبنيتهم متصفة بأوصاف البشر طارء عليها ما يطرء على البشر من الأعراض والأسقام والموت والفناء ، ونعوت الإنسانية وأرواحهم وبواطنهم متصفة بأعلى من أوصاف البشر متعلقة بالملأ الأعلى متشبهة بصفات الملائكة سليمة من التغيير والآفات ولا يلحقها غالبا عجز البشرية ولا ضعف الإنسانية ، إذ لو كانت بواطنهم خالصة للبشرية كظواهرهم لما أطاقوا الأخذ عن الملائكة ورؤيتهم ومخاطبتهم كما لا يطيقه غيرهم من البشر ، ولو كانت أجسامهم وظواهرهم متسمة
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٤٤.
(٢) سورة المائدة : ٧٥.
(٣) سوره الفرقان : ٢٠.
(٤) سورة الكهف : ١١٠.
(٥) سورة الأنعام : ٩.
(٦) سورة الإسراء : ٩٥.