.................................................................................................
______________________________________________________
هو الضرر الذي قد يكون محنة كما يكون عقوبة.
فأما ما روي في هذا الباب عن جملة المفسرين فمما لا يلتفت إلى مثله لأن هؤلاء لا يزالون يضيفون إلى ربهم تعالى وإلى رسله عليهمالسلام كل قبيح ويقرفونهم بكل عظيم ، وفي روايتهم هذه السخيفة ما إذا تأمله المتأمل علم أنه موضوع باطل ممنوع ، لأنهم رووا أن الله تعالى سلط إبليس على مال أيوب عليهالسلام وغنمه وأهله ، فلما أهلكهم ودمر عليهم ورأى صبره وتماسكه قال إبليس لربه : يا رب إن أيوب قد علم أنه ستخلف عليه ماله وولده فسلطني على جسده ، فقال : قد سلطتك على جسده إلا قلبه وبصره ، قال : فأتاه فنفخه من لدن قرنه إلى قدمه ، فصار قرحة واحدة فقذف على كناسة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرا ، تختلف الدواب في جسده ، إلى شرح طويل تصون كتابنا عن ذكر تفصيله ، فمن يقبل عقله هذا الجهل والكفر كيف يوثق بروايته؟ ومن لا يعلم أن الله تعالى لا يسلط إبليس على خلقه وأن إبليس لا يقدر على أن يقرح الأجساد ، ولا أن يفعل الأمراض كيف يعتمد على روايته؟
فأما هذه الأمراض النازلة بأيوب عليهالسلام فلم يكن إلا اختبارا وامتحانا وتعريضا للثواب بالصبر عليها ، والعوض العظيم النفيس في مقابلتها ، وهذه سنة الله في أصفيائه وأوليائه ، فقد روي عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال ـ وقد سئل أي الناس أشد بلاء؟ ـ فقال : الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس.
فظهر من صبره على محنته وتماسكه ما صار إلى الآن مثلا حتى روي أنه كان في خلال ذلك كله شاكرا محتسبا ناطقا بما له فيه المنفعة والفائدة وأنه ما سمعت له شكوى ، ولا تفوه بتضجر وتبرم فعوضه الله تعالى مع نعيم الآخرة العظيم الدائم أن رد عليه ماله أهله ، وضاعف عددهم في قوله تعالى : « وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ