.................................................................................................
______________________________________________________
الأفهام عن درك كنه حقيقته.
والنفس أيضا مشترك بين معاني ، وما يتعلق بغرضنا منه معنيان : أحدهما : أن يراد به المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان ، وهذا الاستعمال هو الغالب على الصوفية ، لأنهم يريدون بالنفس الأصل الجامع للصفات المذمومة من الإنسان فيقولون لا بد من مجاهدة النفس وكسرها ، وإليه الإشارة بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ، المعنى الثاني : هو اللطيفة التي ذكرناها ، التي هو الإنسان في الحقيقة ، وهي نفس الإنسان وذاته ، ولكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب اختلاف أحوالها ، فإذا سكنت تحت الأمر وزايلها الاضطراب بسبب معارضة الشهوات سميت النفس المطمئنة ، قال تعالى : « يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً » (١) فالنفس بالمعنى الأول لا يتصور رجوعها إلى الله فإنها مبعدة عن الله تعالى ، وهو من حزب الشيطان ، وإذا لم يتم سكونها ولكنها صارت مدافعة للنفس الشهوانية ومعترضة عليها سميت النفس اللوامة ، لأنها تلوم صاحبها عند تقصيره في عبادة مولاها ، قال الله تعالى : « وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ » (٢) وإن تركت الاعتراض وأذعنت وأطاعت مقتضى الشهوات ودواعي الشيطان ، سميت النفس الأمارة بالسوء قال الله تعالى إخبارا عن يوسف عليهالسلام : « وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ » (٣) وقد يجوز أن يقال : الأمارة بالسوء هي النفس بالمعنى الأول.
فإذن النفس بالمعنى الأول مذمومة غاية الذم وبالمعنى الثاني محمودة لأنها نفس الإنسان أي ذاته وحقيقته العالمة بالله تعالى وبسائر المعلومات.
والعقل أيضا مشتركة لمعان مختلفة ، والمناسب هنا معنيان : أحدهما : العلم بحقائق الأمور أي صفة العلم الذي محله القلب ، والثاني أنه قد يطلق ويراد به
__________________
(١) سورة الفجر : ٢٨.
(٢) سورة القيامة : ٢.
(٣) سورة يوسف : ٥٣.