أسفله.
______________________________________________________
الناقصة واسمه الضمير الراجع إلى الخطيئة و « به » خبره أي متلبسا به ، وقيل : متعلق بفعل محذوف أي تفعل به ، والمراد إما جنس الخطيئة أو الخطيئة المخصوصة التي ارتكبها ولم يتب منها ، فتؤثر في القلب بحلاوتها حتى تغلب على القلب بالرين والطبع ، أو يدافعها ويحاربها فتغلب عليه حتى يرتكبها لعدم قلع مواد الشهوات عن قلبه على الاحتمال الثاني.
« فيصير أعلاه أسفله » أي يصير منكوسا كالإناء المقلوب المكبوب ، لا يستقر فيه شيء من الحق ولا يؤثر فيه شيء من المواعظ كما سيأتي في باب ظلمة قلب المنافق : القلوب ثلاثة ، قلب منكوس لا يعي شيئا من الخير ، وهو قلب الكافر « الخبر ».
والحاصل أن الخطيئة تلتبس بالقلب وتؤثر فيه حتى تصيره مقلوبا لا يستقر فيه شيء من الخير بمنزلة الكافر ، فإن الإصرار على المعاصي طريق إلى الكفر كما قال سبحانه : « ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ » (١) وهذا أظهر الوجوه المذكورة في تلك الآية وهذا الذي خطر بالبال أظهر الأقوال من جهة الأخبار.
وقيل : فيه وجوه أخر « الأول » ما ذكره بعض المحققين : يعني فما تزال تفعل تلك الخطيئة بالقلب وتؤثر فيه بحلاوتها حتى تجعل وجهه الذي إلى جانب الحق والآخرة إلى جانب الباطل والدنيا ، الثاني : أن المعنى ما تزال تفعل وتؤثر في القلب بميله إلى أمثالها من المعاصي حتى تنقلب أحواله ويتزلزل ويرتفع نظامه ، وحاصله يرجع إلى ما ذكرنا لكن الفرق بين ، الثالث : ما قيل : فلا تزال به حتى تغلب عليه ، فإن لم ترفع بالتوبة الخالصة فتصير أعلاه أسفله أي تكدره وتسوده لأن الأعلى صاف والأسفل دردي من باب التمثيل.
__________________
(١) سورة الروم : ٤٠.