تنقيح وتوضيح :
أجمع علماء الاسلام على نجاسة البول والغايط مما لا يؤكل لحمه ، سواء كان من الانسان أو غيره إذا كان ذا نفس سائلة ، قاله في المعتبر.
وقد وقع الخلاف في موضعين : أحدهما رجيع الطير ، فذهب الصدوق وابن أبي عقيل والجفي إلى طهارته مطلقا وقال الشيخ في المبسوط : بول الطيور وذرقها كلها طاهر إلا الخشاف ، وقال في الخلاف : ما اكل فذرقه طاهر ، ومالم يؤكل فذرقه نجس. وبه قال أكثر الاصحاب.
ومما استدل به على الطهارة ما مر من سؤال علي بن جعفر ، عن الرجل يرى في ثوبه خرء الحمام أو غيره ـ وفي التهذيب خرء الطير أو غيره ـ هل يصلح له أن يحكه وهو في صلاته (١) وقوله عليهالسلام : «لابأس به» لان ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال يفيد العموم ، واورد عليه بأنه إنما تسلم دلالة ترك الاستفصال على العموم فيما إذا كان الغرض متعلقا بهذا الحكم ، كما إذا قيل خرء الطير لابأس به من غير تفصيل كان الظاهر العموم ، وأما إذا لم يكن الغرض متعلقا به كما فيما نحن فيه ، فلا ، إذ ظاهر أن الغرض من السؤال أن حك شئ من الثوب ينافي الصلاة أم لا ، وذكر خرء الطير من باب المثال ، وفي مثل هذا المقام إذا اجيب بأنه لا بأس ، ولم يفصل الكلام في الطير بأنه مما يؤكل لحمه أو لا ، لا يدل على أن خرء الطير مطلقا طاهر ، والاقوى عندي طهارة ذرق الطير مطلقا وفي البول إشكال والاحتياط الاجتناب من الجميع.
وثانيهما بول الرضيع قبل أن يأكل الطعام والمشهور أنه نجس ، ونقل فيه المرتضى الاجماع ، وقال ابن الجنيد : بول البالغ وغير البالغ نجس إلا أن يكون غير البالغ صبيا ذكرا ، فان بوله ولبنه مالم يأكل اللحم ليس بنجس ، واحتج بمامر من رواية السكوني وهي لا تقوم حجة له كما لا يخفي.
____________________
(١) التهذيب ج ١ ص ٢٤٤ ط حجر.