فقال : أين أمير المؤمنين ؟ فقيل : هو ذا ، فسلّم عليه فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير ، قد سمعت فيك من الفضل ما لا أُحصي ، وإنّي أظنّك ستغتال ، فعلّمني مما علّمك الله ، قال : نعم يا شيخ ، من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كانت الدّنيا همّته اشتدّت حسرته عند فراقها ، ومن كان غده شرّ يوميه فمحروم ، ومن لم يبال ما رزىء من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، ومن لم يتعاهد النّقص من نفسه غلب عليه الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له » .
ورواه في كتاب الغايات(٤) : عنه ( عليه السلام ) ، مثله .
٩٥ ـ ( باب وجوب محاسبة النّفس كلّ يوم وملاحظتها ، وحمد الله على الحسنات ، وتدارك السّيئات )
[١٣٧٥٧] ١ ـ نهج البلاغة : من كلامه ( عليه السلام ) عند تلاوته قوله تعالى : ( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ )(١) الآية : « فلو مثّلتهم لعقلك في مقاومهم المحمودة ومجالسهم المشهودة ، قد نشروا دواوين أعمالهم ، وفرغوا لمحاسبة أنفسهم على كلّ صغيرة وكبيرة ، أمروا بها فقصّروا عنها أو نهوا [ عنها ](٢) ففرّطوا فيها ، وحملوا ثقل أوزارهم على ظهورهم ، فضعفوا عن الاستقلال بها ، فنشجوا نشيجاً(٣) ، وتجاوبوا حنيناً(٤) ، يعجّون إلى ربّهم من مقام ندم واعتراف ، لرأيت أعلام هدى ومصابيح دجى ، قد حفّت بهم الملائكة ، وتنزّلت عليهم السّكينة ، وفتحت لهم أبواب السّماء ، واعدّت لهم مقاعد
____________________________
( لسان العرب ج ١ ص ٤٨٤ ) .
(٤) الغايات ص ٦٦ .
الباب ٩٥
١ ـ نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٣٧ ح ٢١٧ .
(١) النور ٢٤ : ٣٧ .
(٢) أثبتناه من المصدر .
(٣) النشيج : أشد البكاء ( لسان العرب ج ٢ ص ٣٧٧ ) .
(٤) في المصدر : نحيباً .