المظهر بكلامه عمارة باطنه ، وهو في الحقيقة خال عنها ، قد غمرتها وحشة حب المحمدة ، وغشيها ظلمة الطمع ، فما افتنه بهواه ! واضل الناس بمقاله ! قال عزّ وجلّ : ( لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ )(٧) .
وأما من عصمه الله بنور التأييد وحسن التوفيق ، فطهر قلبه من الدنس ، فلا يفارق المعرفة والتقى ، فيستمع الكلام من الأصل ويترك قائله كيف ما كان ، قالت الحكماء ، خذ الحكمة من أفواه المجانين ، قال عيسى عليه السلام : جالسوا من يذكركم الله رؤيته ولقاؤه فضلاً عن الكلام ، ولا تجالسوا من توافقه ظواهركم وتخالفه بواطنكم ، فان ذلك المدعي بما ليس له ، ان كنتم صادقين في استفادتكم ، فاذا لقيت من فيه ثلاث خصال ، فاغتنم رؤياه ولقاه ومجالسته ولو كان ساعة ، فان ذلك يؤثر في دينك وقلبك وعبادتك بركاته ، فمن كان كلامه لا يجاوز فعله ، وفعله لا يجاوز صدقه ، وصدقه لا ينازع ربه ، فجالسه بالحرمة وانتظر الرحمة والبركة ، واحذر لزوم الحجة عليك ، وراع وقته كيلا تلومه فتحسر ، وانظر إليه بعين فضل الله عليه ، وتخصيصه له ، وكرامته إياه » .
[١٣٨٨٧] ٥ ـ فقه الرضا عليه السلام : « ونروي في قول الله : ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ )(١) قال : هم قوم وصفوا بألسنتهم ثم خالفوا(٢) الى غيره ، فسئل عن معنى ذلك ، فقال : اذا وصف الانسان عدلاً [ ثم ](٣) خالفه الى غيره ، فرأى يوم القيامة الثواب الذي هو واصفه لغيره عظمت حسرته » .
[١٣٨٨٨] ٦ ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي : قال : سمعت علياً عليه السلام ،
____________________________
(٧) الحج ٢٢ الآية ١٣ .
٥ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ٥١ .
(١) الشعراء ٢٦ الآية ٩٤ .
(٢) في المصدر : خالفوه .
(٣) أثبتناه لحاجة السياق .
٦ ـ سليم بن قيس الهلالي ص ١٦١ مع اختلاف يسير .