طويل ـ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « ليس للمؤمن أن يذل نفسه » قيل : يا رسول الله ، وكيف يذل نفسه ؟ قال : « يتعرض للبلاء » .
قلت : الخبر الذي نقلناه من كتاب خلاد ، ذكرناه في هذا الباب تبعاً للأصل لئلا يختل نظم الكتابين ، والا فلا ربط له بهذا الباب ، بل هو في مقام مدح الحلم وكظم الغيظ ، ولذا ادرج ما هو بمضمونه ثقة الاسلام في الكافي ، وغيره في باب استحباب كظم الغيظ ، حتى الشيخ في الأصل تبعهم في ذلك ، فاخرج تلك الأخبار في أبواب العشرة ، في باب استحباب كظم الغيظ ، وسبب الاشتباه ان الذل ـ بالضم ـ ضعف النفس ومهانتها ، والاسم الذل ـ بالضم ـ والذلة ـ بالكسر ـ والمذلة ، من باب ضرب ، فهو ذليل والجمع اذلاء ، يذكر هذا في مقام الذم اذا ضعف وهان ، ويقابله العز .
واخبار هذا الباب من هذه المادة ، والذل ـ بالكسر ـ سهولة النفس وانقيادها فهي ذلول ، والجمع ذلل وأذلة ، قال تعالى : ( فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا )(١) وقال : ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )(٢) وهذا يذكر في مقام المدح ، وهو المراد من خبر خلاد ونظائره .
والمعنى : ان ذل نفسي ـ بالكسر ـ وسهولتها وانقيادها ولينها ، احب اليّ من حمر النعم ـ أي خيارها أو خيار مطلق الأموال ـ املكها أو أتصدق بها . فتحصل ان الذل في اخبار هذا الباب بالضم ، وفيما تقدم بالكسر ، والأول مذموم ، والثاني ممدوح .
____________________________
(١) النحل ١٦ الآية ٦٩ .
(٢) المائدة ٥ الآية ٥٤ .